Page 273 - merit 47
P. 273

‫‪271‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون شعبية‬

    ‫رمزي الدهاء والعلم والأدب‪،‬‬                ‫تسي» (‪.)Kweku Tsin Tsi‬‬                  ‫أو «النونو» عد َّية حيث يقلِّد‬
 ‫تنهض الحكايات الأفريقية بالمِثل‬                                                 ‫الأطفال حركة صعود هذا الكائن‬
                                              ‫القملة والبرغوث‬                     ‫إلى سطح البيت ومن ثم تزحلقه‬
     ‫على محور َّية دهاء العنكبوت‬           ‫والعنكبوت شخصيات‬
 ‫أنانسي وحيله‪ ،‬ل ُتحكى الحكايات‬             ‫متناهية ال ِص َغر تلقي‬                  ‫وانزلاقه في مزراب المياه‪ ،‬فإ َّن‬
‫جميعها في المستقبل عنه فحسب‪،‬‬                                                       ‫النحلة «زينة» شخصية حلقات‬
‫فتأ َّتى له ذلك‪ .‬وتم َّكن من امتلاك‬                ‫درو ًسا‬                      ‫التحريك «مغامرات زينة ون ُّحول»‪.‬‬
                                                                                   ‫وتعود بنا الذاكرة الطفليَّة تارة‬
    ‫حكمة العالم كلِّها‪ .‬ففي إحدى‬            ‫تكثر شخصيات «كليلة ودمنة»‬             ‫إلى كسل «نحول»‪ ،‬وتارة أخرى‬
  ‫الحكايات عزم على معاقبة أبناء‬                 ‫الحيوانية من طيور وبهائم‬          ‫إلى تعاون النحلة النشيطة زينة‪،‬‬
  ‫بلدته الذين أرادوا إيذاءه‪ ،‬وذلك‬                                                ‫أو محبة الجندب‪ /‬القبوط فرفور‬
 ‫بإخفاء كل حكمة عنهم‪ .‬فجمعها‬              ‫وسباع‪ ،‬لك َّن قارئ هذا الكتاب في‬
  ‫ووضعها في إناء فخاري محكم‬                  ‫فن الخرافة والمثل (لابن المق َّفع‬                       ‫لأصدقائه‪.‬‬
                                             ‫المتص ِّرف في ترجمته) لا يعثر‬            ‫هذا المسلسل المدبلج (إنتاج‬
                       ‫الإغلاق‪.‬‬                                                  ‫تلفزيون لبنان‪)1976 -1975 /‬‬
‫وفي محاولته صعود أعلى نخلة في‬             ‫على «العنكبوت»‪ ،‬الكائن المفصلي‪،‬‬             ‫مقتبس من سلسلة قصص‬
 ‫غابة بعيدة عن القرية وعن أعين‬                 ‫في أي من حكاياته‪ ،‬ولا على‬              ‫الألمان ِّي فالديمار بو ْن ِسلس‪،‬‬
                                                                                  ‫بعنوانها (مغامرات النحلة مايا‪،‬‬
  ‫الناس لإخفاء الإناء فيها‪ ،‬تكرر‬            ‫نملة أو نحلة‪ ،‬بل على حشرتين‬               ‫‪ .)1912‬وقد أعيدت َمنتجته‬
  ‫فشل أنانسي لثقل الإناء المعلَّق‬            ‫هما‪ :‬القملة والبرغوث في باب‬          ‫وإنتاجه بتقنيات تصوير ثلاثية‬
                                          ‫«الأسد والثور»‪ .‬وقد ضرب بيدبا‬         ‫الأبعاد‪ .‬أما العنكبوت النونو (يت ُّم‬
    ‫أمامه‪ ،‬إلى أن رآه ابنه كويكو‬           ‫الفيلسوف الهندي للملك دبشليم‬            ‫تذكيره في العد َّية) فيجد مقابله‬
  ‫تسن الذي كان يتع َّقبه ويراقبه‬             ‫مثل القملة والبرغوث‪ ،‬للتدليل‬       ‫الأجنبي في تسمية (‪Incy Wincy‬‬
                                            ‫على «أ َّن صاحب الش ِّر لا يسلم‬       ‫‪ )Spider‬أو (‪ .)Itsy Bitsy‬هذه‬
    ‫من بعيد‪ ،‬فناداه طالبًا إليه أن‬        ‫من ش ِّره أحد‪ .‬وإن هو ض ُعف عن‬          ‫التنويعات الاسمية تطرح سؤال‬
‫يجعل الإناء خلف ظهره فيتسنَّى‬                                                       ‫الأصل في «أنانسي» الأفريقي‬
‫له تسلُّق الشجرة‪ .‬وهكذا اكتشف‬                      ‫ذلك جاء الش ُّر بسببه»‪.‬‬         ‫(‪ )Anansi‬وابنه «كويكو تسن‬
 ‫الوالد أ َّنه لم ي ُحز ك َّل الحكمة‪ ،‬بل‬   ‫وإذ يبرز ابنا آوى‪ ،‬كليلة ودمنة‪،‬‬
  ‫إ َّن ابنه يمتلك أكثر مما لديه هو‬
                                                 ‫شخصيتين رئيسيتين في‬
  ‫نفسه‪ .‬فما كان منه إلا أن ألقى‬               ‫الخرافات المق َّفعيَّة‪ ،‬بوصفهما‬
  ‫بالإناء إلى أسفل‪ ،‬لينكسر وتف َّر‬
  ‫الحكمة من داخله وتنتشر عبر‬
 ‫العالم‪ .‬ألا تجد‬
   ‫هذه الحكاية‬

     ‫صدى لها‬
   ‫في الأساطير‬

     ‫الإغريقية؟‬
  ‫الواقع أ َّن ثمة‬
  ‫تقاطعات بيِّنة‬
   ‫مع أسطورة‬

     ‫«باندورا»‪،‬‬
    ‫المرأة الأولى‬
   ‫على الأرض‪،‬‬
 ‫ومعنى اسمها‬
    ‫«الموهوبة»‪،‬‬
   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278