Page 278 - merit 47
P. 278

‫العـدد ‪47‬‬                                     ‫‪276‬‬

                                    ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

  ‫التفكير وتشعل شرارة التفكير‬                   ‫جيل دولوز‬            ‫توفيق الحكيم‬  ‫إنغمار بيرغمان‬
       ‫الفلسفي ومرتكزات فعل‬
                                       ‫فالسينما حالها حال الفلسفة‬     ‫اتسعت الرؤية ضاقت العبارة»‪،‬‬
     ‫التفلسف‪ ،‬وهو ما قد يحين‬             ‫تقوم بطرح السؤال وإثارة‬        ‫حيث إن عمق وتعقد التجارب‬
    ‫إمكانية التساؤل وفتح الباب‬           ‫النقاش من خلال مجموعة‬            ‫الروحية والفكرية للإنسان‬
  ‫للخوض في النقاشات والأفكار‬                                               ‫يحول دون قدرة اللغة على‬
   ‫الفلسفية وسبر أغوار التفكير‬       ‫من المواضيع‪ ،‬إذ إن العديد من‬        ‫التعبير بشكل كامل وملائم‪،‬‬
    ‫الفلسفي الحر والنقدي‪ .‬فإذا‬       ‫الأفلام السينمائية ما إن تنتهي‬
   ‫كانت الفلسفة لا تنفك تحضر‬        ‫حتى يبدأ المشاهد بطرح الأسئلة‬     ‫مما يستدعي بالضرورة اللجوء‬
   ‫وتكشف عن نفسها في العديد‬          ‫وفتح النقاش إما بشكل فردي‬        ‫للرموز والبلاغات وكذا الصور‬
                                                                     ‫بمختلف أنواعها‪ ،‬وهنا تلتقي كل‬
      ‫من المجالات سواء الفكرية‬          ‫بين المشاهد وذاته أو بشكل‬
      ‫والعلمية والفنية‪ ،‬فكيف لا‬     ‫جماعي بين الأصدقاء والمهتمين‬        ‫من اللغة والمفهوم والصورة‪،‬‬
  ‫تحضر في السينما وهي الأكثر‬        ‫بالمجال الفكري والفني وبالحقل‬      ‫وتنسجم لتحقيق غاية واحدة‪:‬‬
‫تو ًقا واستعدا ًدا لتبني الإشكالات‬                                   ‫فهم الإنسان والتعبير عنه بشكل‬
  ‫الفلسفية‪ ،‬وقد برهنت السينما‬                           ‫السينمائي‪.‬‬
      ‫على أنها قادرة على ترجمة‬           ‫إن فعل التساؤل هذا وهذه‬                              ‫ملائم‪.‬‬
      ‫الأفكار والقضايا الفلسفية‬           ‫الإثارة للنقاش التي تقوم‬     ‫كما تلتقي الفلسفة بالسينما في‬
‫ومنحها رو ًحا جديدة‪ ،‬فأسطورة‬           ‫بها وتشعل فتيلها عن طريق‬        ‫فعل التأمل والتفكير في العالم‪،‬‬
‫الكهف الأفلاطونية مث ًل وسؤال‬            ‫السينما‪ ،‬تعد بحق من أهم‬        ‫وفي الإنسان وماهيته وطبيعة‬
    ‫ماهية الحقيقة عند أفلاطون‬         ‫مبادئ التفكير الفلسفي‪ ،‬حيث‬
  ‫قد تم تناوله بشكل متميز وفي‬        ‫يمكن أن تكون السينما وسيلة‬         ‫وجوده‪ ،‬علاقته مع ذاته ومع‬
    ‫قالب فني سينمائي جيد من‬             ‫بيداغوجية لتدريس الفلسفة‬        ‫الطبيعة‪ ،‬ومع الآخر وكذا مع‬
  ‫خلال الفيلم الأمريكي الشهير‬           ‫خاصة للأطفال في المدارس‪،‬‬        ‫مجتمعه‪ ،‬فهي تدفع بالإنسان‬
 ‫“‪ ،)1999( ”The Matrix‬الذي‬           ‫وكذلك الحال بخصوص الطلبة‬           ‫لممارسة التفكير‪ ،‬وهو الشيء‬
‫يمكن للمشاهد أن يجد في طياته‬         ‫بالجامعات‪ ،‬لأنها تتيح إمكانية‬
‫العديد من الأفكار والقضايا التي‬                                            ‫الذي يجعلها منسجمة مع‬
    ‫تناولتها الفلسفة منذ اللحظة‬                                         ‫الفلسفة من حيث هذه الغاية‪،‬‬
   ‫اليونانية‪ ،‬فهو يفتح لنا الباب‬
   ‫على مصراعيه للنقاش وطرح‬
  ‫السؤال‪ ،‬حيث يدفعنا للتساؤل‬
   ‫حول حقيقة وجودنا الواقعي‬
   ‫وحول معنى الحقيقة نفسها‪،‬‬
    ‫وما الذي يفصل بينها وبين‬
      ‫الكذب والوهم؟ وهل يمكن‬
    ‫تكوين معرفة حقيقة وكاملة‬
       ‫حول العالم وكل معطيات‬
‫الوجود؟ وكيف يمكن الحكم على‬
 ‫الأشياء والموجودات والمعطيات‬
 ‫الواقعية على أنها حقيقة أو أنها‬
   ‫مجرد سراب ووهم‪ ،‬وعلى أي‬
   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283