Page 279 - merit 47
P. 279

‫‪277‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫سينما‬

   ‫وبالتالي ستكون الفلسفة هنا‬       ‫لديه أية خلفية فلسفية‪ ،‬هي‬            ‫أساس يمكن لنا تكوين هذا‬
 ‫معارضة للسينما‪ ،‬وستقيم نق ًدا‬   ‫التي تجعل من هذا الفيلم عم ًل‬        ‫الحكم؟ وكذا حول مدى حقيقة‬
                                                                    ‫أفكارنا ومعارفنا ومشاعرنا وكل‬
    ‫لها من خلال نقدها للصور‪،‬‬          ‫سينمائيًّا فلسفيًّا بامتياز‪.‬‬  ‫الأحكام التي قمنا بتكوينها حول‬
  ‫التي تحول دون معرفة الواقع‬           ‫وفي معرض الحديث عن‬              ‫نفسنا ووجودنا وحول العالم‬
 ‫والوقوف على حقيقته وماهيته‪،‬‬      ‫أسطورة الكهف الأفلاطونية‪،‬‬          ‫والآخر‪ ،‬أمام إشكالية محدودية‬
                                   ‫سوف نذهب إلى الحديث عن‬             ‫عقلنا وحواسنا! ومن هنا يفتح‬
    ‫وفي هذا السياق يقول «آلان‬        ‫علاقة أخرى مختلفة تما ًما‬
      ‫باديو» إن «النقد الفلسفي‬        ‫عن ما تم التطرق إليه من‬           ‫لنا فيلم ماتريكس الباب أمام‬
                                 ‫قبل؛ علاقة سوف تكون أقرب‬             ‫الشك المنهجي لدى الفيلسوف‬
 ‫للسينما ظهر قرو ًنا قبل وجود‬    ‫للتعارض‪ ،‬فعلى ضوء أسطورة‬           ‫الفرنسي «ريني ديكارت»؛ الذي‬
      ‫السينما»(‪ ،)2‬ومن هنا فإذا‬  ‫الكهف يمكن النظر إلى الأعمال‬         ‫يشك ويطرح السؤال للوقوف‬
                                 ‫السينمائية على أنها ضرب من‬
 ‫كانت السينما ضر ًبا من الوهم‬    ‫الصور الزائفة والوهمية‪ ،‬وعلى‬            ‫على حقيقة العالم ومعطياته‬
     ‫والزيف والخداع‪ ،‬فستكون‬          ‫النقيض مما سبق الحديث‬             ‫وحقيقة وجودنا فيه‪ ،‬باعتماد‬
                                 ‫عنه‪ ،‬سيتم اعتبار السينما كفن‬       ‫منهج علمي وفلسفي صارم‪ .‬كما‬
 ‫الفلسفة –إذن‪ -‬سبي ًل وإمكانية‬   ‫للوهم والكذب وتزييف الواقع‪،‬‬          ‫يناقش ويتناول فيلم ماتريكس‬
    ‫للخروج من كهفها‪ ،‬والهرب‬
   ‫من دكتاتورية الصور حسب‬           ‫‪Words and pictures‬‬                   ‫أحد الإشكالات الكلاسيكية‬
                                                                                          ‫في تاريخ‬
  ‫تعبير «آلان باديو»‪ ،‬الذي يقيم‬
   ‫تشاب ًها بين السينما والصور‬                                                        ‫الفلسفة وهي‬
                                                                                      ‫مسألة «الجبر‬
     ‫وبين الكهف‬                                                                     ‫والاختيار»‪ ،‬هل‬
     ‫الأفلاطوني‪،‬‬                                                                   ‫الإنسان مخير أم‬
   ‫ولكنه لا يتبنى‬                                                                   ‫مسير؟ وهل له‬
 ‫هذا الطرح القائل‬                                                                  ‫الحرية في اختيار‬
 ‫بتعارض السينما‬                                                                  ‫أفعاله ونمط حياته‬
     ‫مع الفلسفة‪،‬‬                                                                   ‫أم هي مفروضة‬
      ‫فالقول بهذا‬                                                                   ‫عليه بشكل قبلي‬
  ‫الطرح نابع من‬                                                                    ‫ومسبق؟ الشيء‬
    ‫نظرة تقزيمية‬
‫واختزالية للسينما‬                                                                       ‫الذي يطرح‬
  ‫في كونها مجرد‬                                                                   ‫السؤال الأكبر‪ :‬ما‬
‫خيالات‪ ،‬فالسينما‬
 ‫لا يمكن اختزالها‬                                                                   ‫دور الإنسان في‬
 ‫في مجرد الخيال‬                                                                       ‫حياته نفسها؟‬
    ‫أو الواقع‪ ،‬بل‬                                                                           ‫كل هذه‬
  ‫هي تجانس بين‬                                                                      ‫الإشكالات التي‬
   ‫هذين البعدين‪،‬‬
  ‫إنها أحيا ًنا تفتح‬                                                               ‫يثيرها هذا العمل‬
    ‫لنا الباب أمام‬                                                                     ‫المتميز والتي‬
  ‫الخيال والصور‬
    ‫الخيالية كأننا‬                                                                   ‫يمكن للمشاهد‬
  ‫أمام تجربة من‬                                                                   ‫أن يكتشفها حتى‬
‫الأحلام‪ ،‬لكنها في‬
                                                                                     ‫بدون أن يكون‬
                                                                                  ‫مهت ًّما أو أن تكون‬
   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283   284