Page 282 - merit 47
P. 282
بين الشخصية وذاتها ،أو العـدد 47 280
تلك التي تكون متبادلة بين
الشخصيات ،وبالإضافة للحوار نوفمبر ٢٠٢2 يوهان جوته
فكثي ًرا ما يحضر عنصر الصمت
كعنصر مركزي في كل أعمالهما، نيكولاي برادييف العالم ،ويظهر موقعه الضئيل في
هذا الصمت الحاد الذي يقابل العالم ،وهذا الضعف هو الذي
الحوار والخطاب والذي يدفع الشيء الذي يجعله يسافر في
بالشخصيات وكذا بالمشاهد على تجربة سينمائية عميقة وغريبة. يدفع بهذه الشخصيات للتساؤل
حد سواء إلى التفكير والتأمل حول جدوى الوجود ومعنى
ومحاولة الفهم ،فالصمت كما إن كل من «تاركوفسكي» وجودها وموقعها من العالم،
الكلام يجيب بدوره على العديد و»بيرغمان» قد أثرا بفعل وكذا عن وسيلتها للخلاص.
من التساؤلات ،ويجعل الإنسان أعمالهما وبفعل فلسفتهما و ُتظ ِهر أعمال «بيرغمان»
يقف في دهشة ،أمام عمق السينمائية ثأثي ًرا كبي ًرا في بفعل المواضيع المتناولة فيها
وغموض التجربة ،وصدمة أمام السينما العالمية ،وفي العديد من وكذا طريقة التناول وتقنيات
قوة الحقيقة التي لا تكون إلا المخرجين اللاحقين لهم؛ كونهما التصوير ،بالإضافة إلى الجو
حقيقة وجودية وفلسفية :حقيقة مدارس سينمائية كبيرة وغنية العام السائد فيها ،كثي ًرا من
الموت ،حقيقة الإنسان ،وحقيقة ولا يستهان بها ،أما بالنسبة
لأعمالهما فلا يمكن القول عنها القسوة والسوداوية ،لكنها تظهر
الوجود نفسه ومعناه. إلا أنها تجسد للفكرة الفلسفية كذلك الكثير من الأحاسيس
وإذا كانت السينما تشترك وتمظهرها عبر الصورة والمشهد
وتلتقي بالفلسفة في فعل التفكير السينمائي ،إذ إن الفلسفة والمشاعر المرهفة في جو تطبعه
وإبداع الأفكار كما سبق القول، لا تنفك تحضر في إنتاجات الرومانسية والحب المنسجم
فإنها حت ًما ستعاني من نفس تاركوفسكي وبيرغمان؛ سواء
الصعوبة ونفس الإشكال الذي من حيث الأفكار والمواضيع والمتماهي مع الحزن والأسى.
قد تعانيه الفلسفة في العديد والإشكالات المطروحة ،ثم هذا التماهي هو الذي يطبع
من الأحيان ،والذي يمكن أن طريقة التناول وكذا الأحاديث
يصبح بدوره موضو ًعا للتفكير والحوارات داخل هذه الأعمال، أعمال بيرغمان ،حيث يتوه فيها
الفلسفي ،ألا وهو صعوبة التي تكون إما حوارات داخلية المشاهد بين الحلم والحقيقة،
إبداع الأفكار والإتيان بها،
حيث إن الأفكار ليست دائمة ويمتزج فيها الواقع مع اللاوقع،
سهلة المنال ،فهي لا تسبح في الوجود المادي مع المتخيل،
السماء وتنتظر من يلتقطها،
بل هي فعل إبداعي يحتاج
لمجهود جبار وجاد ،هنا تكمن
الصعوبة التي تكون وراء الأزمة
التي تصيب المجالات والحقول
والأدبية والفكرية والفنية
في الكثير من الأحيان ،والتي
تتجلى وتظهر أكثر وضو ًحا في
السينما ،فغياب الإبداع وغياب