Page 109 - merit 45
P. 109

‫‪107‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

                                         ‫ح ًّقا‪..‬‬  ‫التقينا اليوم‪ ،‬كنت كما لو أني أطل عليك من داخل‬
    ‫اقترب وقت مغادرتك‪ ،‬حدقت في ساعة هاتفك‬              ‫مادة غريبة عني‪ ،‬أو أن جسمي كان يحبو في‬

     ‫مليًّا‪ ،‬أشرت إل َّي بالنهوض‪ .‬بحثت عن النادل‬   ‫اتجاهك مقاو ًما رو ًحا مجهولة‪ ،‬ليكتشف حضو ًرا‬
 ‫فإذا هو بالقرب من طاولتنا‪ .‬نقدته ثمن العصير‬        ‫أنثو ًّيا جدي ًدا‪ ،‬لم أقدر أن أسيطر عليه‪ ..‬مسافة ما‬
‫والقهوة‪ ،‬تركت له البقشيش‪ .‬تفحصني بابتسامة‬          ‫ارتسمت بين ذاتي وجثتي‪ .‬هل شعرت أنت بذلك؟‬
  ‫مستغربة فلم يسبق أن تركت له سنتًا من قبل‪.‬‬
  ‫ربما جسدي من فعل أو هي روحي النافرة من‬                            ‫‪ -‬فيم تفكر الآن؟ هل أنت أنت؟‬
                                                      ‫كأنك تصبين ماء على زيت ساخن‪ .‬هل أنا أنا؟‬
                             ‫جثتي المريبة هذه‪..‬‬    ‫ومن أن ِت بالتحديد؟ هل ما أتذكره يعني لي شيئًا‪،‬‬
 ‫في طريقي إلى البيت وحي ًدا تلقيت مكالمة‪ ،‬إنه رقم‬     ‫الرواية‪ ،‬اسمك‪ ،‬ملامحك‪ ..‬أم هي محاولة لرأب‬
                                                    ‫الصدع الذي أصابني؟ فكرت في المرة القادمة أن‬
                                 ‫هاتف الطبيب‪:‬‬         ‫أحضر لك ور ًدا‪ ،‬أو عط ًرا‪ ..‬ماذا أفعل الآن؟ أنا‬
                                 ‫‪ -‬ألو‪ ،‬مرحبًا‪..‬‬   ‫أرقع فقط ثقو ًبا هائلة بتفاصيل غير مناسبة بتا ًتا‪.‬‬
   ‫‪ -‬مرحبًا سيدي‪ ،‬أنا مساعدة الدكتور رضوان‬           ‫‪ -‬هل يمكنك أن تخبريني بحقيقة ما شعرت به‬
                        ‫الذي أجرى لك العملية‪..‬‬
                              ‫‪ -‬هل من خطب؟‬                                               ‫حبيبتي؟‬
         ‫‪ -‬يخبرك بأن دراسات جديدة تشير إلى‬          ‫ابتسمت بينما تشربين عصيرك‪ ،‬نظرت في عيني‬
                             ‫مضاعفات طفيفة‪..‬‬       ‫طوي ًل‪ .‬انتظرت الكلام ليترجم لي شيئًا مما أبحث‬
                                                    ‫عنه لأفهمني من خلالك‪ ،‬بعد فشلي في فهمي بي‬
                                       ‫‪ -‬نعم؟‬
   ‫‪ -‬قد تشعر بأنك لست أنت‪ ..‬لا تخف‪ .‬المسألة‬                                              ‫وبنفسي!‬
‫ببساطة كما لو أن عضو المتبرع الذي مات مقتو ًل‬       ‫‪ -‬أنت غريب ج ًّدا اليوم‪ .‬عيناك بهما نظرة ليست‬
 ‫ما زال يعتقد أن صاحبه حي‪ ،‬عامله بلطف حتى‬
   ‫ينسى أو يعتاد عليك كجسد جديد‪ .‬طاب يومك‬                                                 ‫نظرتك‪..‬‬
                                                        ‫ها أنت تقتربين مما في خاطري‪ ،‬أنا أنا وهذا‬
                                       ‫سيدي‪.‬‬         ‫الجسد الذي أسكنه به خلل ما‪ ،‬قد يكون خطي ًرا‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114