Page 105 - merit 45
P. 105
103 إبداع ومبدعون
قصــة
عبد العزيز دياب
آخر تجليات الرنجة
جنبك على السرير. ثلاث جثث بداخلي أنتظر خروجهم ،ثمة هاتف
أدركت أن الجثث الثلاث في سبيلها للخروج ،هي أخبرني بأن الجثة الأولى لمقاول أنفار كان يسوق
فقط مسألة وقت ،ربما كانت حواجز أمنية بداخلي أمامه عشرة رجال ،والثانية للأخصائي النفسي
هي التي أخرتها عن الخروج ،منها الاطلاع على بالمدرسة ،كان يغوص بداخلي ولم يستطع الخروج،
أشياء روتينية :شهادات الوفاة ،تصاريخ الدفن، والثالثة لنوباتشي أفراح يركض الليل بطوله أمام
راقصة .قتلتهم الثلاثة وجثثهم الآن تحاول الخروج.
تصاريح المرور..
الحقيقة أن الإكثار من أكل ساندويتشات الرنجة صرت شري ًرا بسبب الإفراط في أكل الرنجة..
جعلني أعتقد أنني خضت حرو ًبا كثيرة ،لا يسألني هذه واحدة من تجليات أخي مازن .أمي كانت
حزينة وهي تخبرني أن خياله اتسع بسبب الإفراط
أحد عن المنتصر والمهزوم ،لكن اسألوني كيف في أكل «السجق الإسكندرانى» ،خافت أن يقذف
رجعت في صندوق سيارة ومعي ساق أحد الزملاء، بنفسه من الشرفة معتق ًدا أنه سيخطو في شارع
وهمي يمتد في الفراغ يصل به إلى مدينة الملاهي.
رجعت بدونه لكن كانت معي ساقه ،لا تسألوني كانت مخاوفها مشروعة بعد أن اعتقد أن بداخل
من هو ،لكن اسألوني عن «رحيمة» الراقصة في القط الذي يتسكع على السلالم عجوز ستخرج في
يوم ما وبيدها مذبة تذب بها يمينًا فنسمع نونوات
وكر الأشرار« .رحيمة» كانت تحبني ،حاولت طاغية ،وتذب بها شما ًل فيكتسح الشارع قطيع قطط
كثي ًرا أن تطردني من داخلي .الطريق إلى «رحيمة» تتعارك وتتعثر حركة المرور .أعتقد كذلك أن يمامة
ووكر الأشرار هو نفسه الطريق الذي يفضي إلى تبوح كل يوم بسر لبياع البطاطا المشوية ،وأننا في
الجثث الثلاث التي تتسكع بداخلي« ،رحيمة» كانت يوم ما سنصحو على ثرائه الواسع ،سوف يمتلك
تعرف أن من هم مثلي لقوا حتفهم على باب الوكر، عمارة بالتجمع الخامس ،وشقة بمدينة السادس من
لا أعرف لماذا امتثلت لنصيحتها رغم أنني شرير
أكتوبر ،ومطعم بوسط البلد.
والخنجر علقته في خاصرتي ،شر ًسا ذبحت به إفراطي أنا الآخر في أكل ساندويتشات الرنجة
الذئب الذي كان يعوي بداخلي وأكلت ربعه ،صفقت جعلني أعتقد أنني إنسان شرير ،بداخلي شبيح قاتل،
وأنا الآن انتظر اللحظة التي أتقيأ فيهأ الجثث الثلاث،
لي البنات الرائعات المتيمات بي ،لكنني كنت أحب أفتح فمي ليسهل خروجها .تنظر إل َّي أمي وتنهرنى:
فقط «رحيمة» ،امتثلث لنصيحتها ،خرجت من داخلي
وأنا أرقص على إيقاع مزيكا كانت تراقصها ،رفعت «إإفل بؤك»..
أمي ا ْع َت َق َد ْت أن هذه مقدمات للبلاهة ،وأنا كنت
رأسي عن الوسادة ،وجدتني لا زلت أرقص .أمي أعرف أنني سوف أتقيأ جثثي وأنا نائم .اليوم
خافت أن يكون بي جنة ،غادرت الحجرة وهي الذي وجدت فيه بقعة صفراء على الوسادة عرفت
أن الجثث الثلاثة في طريقها للخروج ،ربما انفلتت
تركض ،لم أكترث بها ،سألت مازن عن الأجواء بعد
أن خرجت من داخلي. واحدة..
طمأنني مازن :لو خرجت منك جثة كنت حا تلاقيها
لم يجبني مازن لكنه حدثني عن سريري الذي
ستنبت له جذور في الأرض ،وتتفرع أغصان ،يتحول
إلى شجرة نجلس تحتها ونأكل ساندويتشات الرنجة
والسجق الإسكندراني.