Page 101 - merit 45
P. 101

‫‪99‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

   ‫يوميًّا لتدريس الولدين في فترة ما بعد الظهيرة‪،‬‬
‫يذهب صبحي لشقة القائد منذ التاسعة صبا ًحا ولا‬

  ‫يغادرها قبل السابعة مسا ًء‪ ،‬ويحصل على إجازة‬
    ‫يوم الجمعة فقط‪ .‬في المقابل وجب عليَّ أن أكتم‬

  ‫أخباره عن أهل القرية‪ ،‬خاصة الشباب منهم‪ ،‬فلا‬
   ‫يصح لابن العمدة أن يظهر في صورة تحط من‬

‫شأنه‪ .‬شرط آخر أضافه صبحي بعد عدة أيام‪ ،‬هو‬
  ‫قيامي بأعمال تنظيف الشقة وطهي الطعام نظير‬
                                ‫إقامتي المجانية!‬

    ‫‪-7-‬‬

 ‫بعد الإلحاح المستمر من مدام فاتن‪ ،‬اشتري ُت هات ًفا‬
  ‫مستخد ًما رخيص الثمن‪ ،‬ظل صامتًا عدا مكالمات‬
    ‫صبحي التي يطمئن فيها على تجهيز الطعام‪ .‬في‬
     ‫مساء أحد أيام الخميس‪ ،‬وبعدما رتبت أموري‬

 ‫لقضاء العطلة الأسبوعية في القرية‪ ،‬باغتني اتصال‬
                                      ‫من المدام‪.‬‬

    ‫‪ -‬أهلا إبراهيم‪ ،‬ضروري تحضر عندي غ ًدا في‬
               ‫الساعة الخامسة عص ًرا‪ ،‬لا تتأخر‪.‬‬

‫انتهت المكالمة من دون المزيد من التفاصيل‪ .‬هل عند‬
  ‫الولدين اختبار الأسبوع القادم؟ لم يبلغاني بذلك‪.‬‬
 ‫تراجع ُت عن السفر‪ ،‬وأوصيت صبحي بالمرور على‬

   ‫أبي وطمأنته على أخباري‪ ،‬عندما علمت بنيته في‬
                  ‫قضاء العطلة بالقرية هو الآخر‪.‬‬

‫ضرب ُت جرس الباب في موعدي‪ ،‬فتحت المدام الباب‬
 ‫بنفسها‪ .‬أشارت إل َّي فدخل ُت إلى البهو‪ .‬اختفت قلي ًل‬

      ‫في الممر الطويل‪ ،‬ثم سمع ُت صوتها يناديني‪.‬‬
                            ‫‪ -‬من هنا يا إبراهيم‪.‬‬

‫مشيت خلفها في الممر الذي اشتمل على مطبخ كبير‪،‬‬
     ‫ألقي ُت عليه نظرة سريعة‪ ،‬ففيه يقضي صبحي‬
      ‫خدمته‪ .‬انحرف ْت المدام يسا ًرا‪ .‬دلف ْت إلى غرفة‬
    ‫جانبية‪ .‬وقف ُت في تردد لا أعرف ماذا أفعل‪ .‬بعد‬

   ‫ثوا ٍن علا صوتها الحازم يطلب مني اللحاق بها‪.‬‬
    ‫تبعتها في صمت‪ .‬الغرفة مساحتها أصغر بقليل‬
  ‫من غرفة الولدين‪ .‬جدرانها ممتلئة بلوحات زيتية‬
   ‫تصور أجسا ًدا بشرية بتكوينات عضلية مفتولة‪،‬‬
  ‫لكنها تحمل وجوه حيوانات‪ .‬احتوت الغرفة أي ًضا‬
‫على طاولة دائرية مبعثر فوقها أوراق كبيرة الحجم‪،‬‬
   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106