Page 102 - merit 45
P. 102
العـدد 45 100
سبتمبر ٢٠٢2
بعض اللين والألفة ،أخذت تحثني على متابعة كتب باللغة الإنجليزية ،سرير يسع فر ًدا واح ًدا،
الدروس ،خاصة بعدما اعتاد الولدان على طريقتي خزانة خشبية ،وساتر من الزجاج المعتم لتغيير
في الشرح. الملابس.
-أرجوك يا مدام ..سأرجع للوحدة ..لا أريد أن فتحت المدام الخزانة .أخرج ْت منها جلبا ًبا أبيض
اللون من نسيج خفيف شفاف ،طلبت مني الوقوف
أفهم ..لقد شاهدت ما يكفيني.
-إبراهيم ..انتظرك باك ًرا ..الخامسة عص ًرا ..هذا خلف الساتر وارتداءه .تردد ُت قلي ًل ،فأعادت
الأمر بأسلوب صارم .وقف ُت خلف الساتر ،خلعت
أمر! القميص والبنطلون ،ارتديت الجلباب ،خرج ُت وقد
غمر العرق جسمي كله .وجد ُت المدام جالسة خلف
-9- الطاولة ،وفي يدها عصا رفيعة من الخيزران ،يبلغ
طولها فوق المترين .ظهر الحنق على وجهها .أشارت
لأول مرة أقابل سيادة القائد وج ًها لوجه .جلس بطرف العصا نحو جسدي ووخزتني في صدري
معي في البهو الكبير ،سألني عن مستوى أدهم وقدمي .فهم ُت أنها تريدني أن ألبس الجلباب بدون
وسراج ،ووعدني بمكافأة إذا ما حصلا على درجات
ملابس داخلية .دخلت خلف الساتر مرة أخرى،
ممتازة. خلعت الجلباب ثم الفانيلا ،لكن يبست يدي قبل
-أبلغتني الهانم برغبتك في العودة للكتيبة ،لا يا خلع «الكيلوت» .لم أعرف كم من الوقت لبث ُت على
إبراهيم ،أنت لديك مهمة معي يجب أن تقوم بها هذا الوضع ،نادتني المدام تتعجل ظهوري ،لم أشعر
كاملة ،ولا أريد أن أسمع هذا الكلام مرة أخرى. بنفسي إلا وأنا أعيد وضع الفانيلا على جسدي،
ارتدي ُت القميص والبنطلون ،ثم انطلقت من خلف
تبع ُت القائد لغرفة أدهم وسراج اللذين ابتهجا الساتر قاط ًعا المسافة لباب الشقة في لحظة ،ومنها
لوجودي .شعر ُت بضيق شديد ،وكأن حب ًل غلي ًظا
للشارع الذي عدوت فيه بأقصى سرعة حتى
يلتف حول عنقي .بعد الحصة ،ذهبت إلى شقة وصلت محطة سيدي جابر .قفز ُت في قطار يتهيأ
صبحي .لم أنم طوال الليل .حاول ُت أن أجد ح ًّل للمغادرة ،لم أسأل عن وجهته ،بات كافيًا بالنسبة
لهذا المأزق بلا فائدة .في الأخير ،اضطرر ُت لمواصلة لي أنه راحل عن هذه المدينة ،ولم أكترث إلى أين.
الدروس .وضعت في خيالي تصو ًرا للتعامل إذا ما
حاولت المدام تكرار ما فعلته معي .سأقاوم ولن -8-
أرضخ لها ،ربما أصرخ واستغيث بالجيران .لحسن
مكث ُت في قريتي أسبو ًعا كام ًل .أعلن ُت للجميع ،بمن
الحظ ،لم ألتق بها طوال الفترة التي تبقت من فيهم صبحي ،أن القائد منحني إجازة طويلة بسبب
الفصل الدراسي ،مما ساعدني على هدوء أعصابي اجتهادي في عملي .اعتراني الشك في معرفة صبحي
ونسيان ما حدث بشكل كبير. لما وقع بيني وبين المدام ،هل أصاب ابن العمدة
الشتاء في الإسكندرية يختلف عن قريتنا .خ َّف ْت الوسيم نفس ما أصابني؟ أم أن المدام قصدتني أنا
رطوبة الجو ،وحلَّ ْت بد ًل منها لسعات برد غير
حادة .منظر السماء الملبدة بالغيم الثقيل ،الأمطار بصفة خاصه؟
الغزيرة والبحر المضطرب ،كلها ظواهر تثير في مع نهاية الأسبوع ،وصل ُت إلى قرار بعدم الاقتراب
النفس نزعات للتأمل ،وتلمس القلب بشيء من
الرقة والشغف .اقتربت امتحانات الفصل الأول، من شقة القائد مرة أخرى .عزم ُت على حمل
كثفت من حضوري لمراجعة الدروس للولدين «مخلتي» والعودة للكتيبة ،حتى لو أدى بي ذلك
اللذين جاءت نتيجتهما مشرفة للغاية .حانت إجازة
منتصف العام ومعها فرصة لقضاء وقت أطول لمحاكمة عسكرية .مساء الخميس ،اتصل بي
مع أهلي .اتصل ُت بالمدام عدة مرات لأطلب منها صبحي ،أجب ُته على الفور ،سمعت صوت المدام عبر
ترخي ًصا للإجازة .كان بوسعي السفر من غير
الهاتف ،ربطت المفاجأة لساني ،لمس ُت في حسها