Page 100 - merit 45
P. 100

‫العـدد ‪45‬‬        ‫‪98‬‬

‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫أثناء ذلك‪ ،‬دخل علينا صبحي الغرفة‪ ،‬يحمل صينية‬
‫عليها ثلاثة أكواب من العصير‪ ،‬ه َّم بالخروج لكني‬

                                  ‫أمسكت بيده‪.‬‬
     ‫‪ -‬صبحي‪ ..‬أريد أن أتحدث معك في أمر هام‪.‬‬
 ‫سحب صبحي يده‪ ،‬نظر للولدين وأعطاني ظهره‪،‬‬
    ‫تحرك في اتجاه الباب‪ ،‬ثم عاد واستدار نحوي‪:‬‬
‫‪ -‬بعد الدرس لاقيني أمام باب العمارة‪ ،‬سأنتظرك‪.‬‬

             ‫‪-6-‬‬

    ‫مشي ُت مع صبحي وسط مجموعة من البنايات‬
 ‫الراقية‪ ،‬تحفنا أشجار الكافور‪ ،‬وشجيرات الريحان‬

     ‫والياسمين‪ .‬كشف لي ابن العمدة أن العديد من‬
    ‫أصحاب المناصب في المدينة يسكنون هذا الحي‬
 ‫الهادئ‪ .‬بعد مسافة قصيرة‪ ،‬أدركت أننا انتقلنا إلى‬
 ‫منطقة أخرى؛ طرقها ملتوية‪ ،‬وبها سوق كبير مثل‬
    ‫سوق قريتنا أيام الأعياد‪ ،‬مع الفارق في انتشار‬
‫محلات بيع الأسماك‪ ،‬التي تفوح منها أدخنة الشواء‬
‫الشهية‪ .‬طوال الطريق لم يتحدث صبحي إلا بالنذر‬
    ‫اليسير‪ ،‬كل ما قاله إننا سنذهب إلى الشقة التي‬
   ‫استأجرها له أبوه العمدة‪ ،‬ثم تركني أتابع حركة‬
   ‫الناس والبائعين في السوق‪ .‬دخلنا حارة ضيقة‪،‬‬
    ‫استقبلتنا فيها رائحة الفلافل والباذنجان المقلي‪.‬‬
  ‫توقفنا أمام منزل قديم‪ ،‬لم يظهر مدخله من أكوام‬

      ‫الكرنب وأقفاص الطماطم التي يخزنها بائعو‬
                           ‫الخضروات من حوله‪.‬‬

                     ‫‪ -‬تفضل يا ِب َراهيم‪ ،‬وصلنا‪.‬‬
       ‫بعد تناولنا للغداء الذي طلبه صبحي بهاتفه‬
     ‫المحمول من أحد المطاعم‪ ،‬انخرط في ثرثرة بلا‬
   ‫نهاية‪ .‬حكى لي عما حدث له من ساعة استدعائه‬
       ‫للتجنيد منذ عام مضى وحتى وجبة السمك‬
     ‫«الباربون» التي التهمناها م ًعا‪ .‬انتابتني بعض‬
    ‫الحيرة من شعوره بالراحة والانسجام في عمله‬
     ‫في منزل القائد ومع زوجته مدام «فاتن»‪ .‬أثناء‬
‫شرب الشاي المحلى بأعواد النعناع الطازجة‪ ،‬عرض‬
  ‫عليَّ صبحي الإقامة معه بد ًل من «مرمطة» السفر‬
  ‫اليومي للقرية‪ ،‬فالشقة تضم غرفتين تسعانا بكل‬
     ‫أريحية‪ ،‬كما أن مواعيد خروجنا متباينة؛ ففي‬
‫الوقت الذي سأمكث فيه من أربع إلى خمس ساعات‬
   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105