Page 96 - merit 45
P. 96
العـدد 45 94
سبتمبر ٢٠٢2
حضرتك. -هاتعيش لوحدك في بيت شبرا؟
-شك ًرا يابنى ،عارف طريقي كويس. -متعود عليه.
رفض بإصرار شديد أن يحصل على أجرة
-مابقاش مناسب لحضرتك ،الدنيا اتغيرت.
التوصيل ،فتركته متجها للبيت. فشلت الشبابيك المفتوحة في طرد الرائحة ،سألته:
أحفظ الحواري الضيقة بانحناءاتها ،تعثرت قدمي
-إنت عايش هناك؟
في حفرة لم أرها في الظلام وكدت أنكفئ على -لأ ،بعت البيت بعد وفاة الحاج والحا َّجة.
وجهي ،عندما وصلت البيت فوجئت بتغيير كبير
في واجهته ،طلاء جديد بألوان زاهية ،بوابة ضخمة -بعت بيت أبوك!
-خفت على عيالي الصغيرين ،تخيل حضرتك أطفال
سوداء عليها بعض النقوش والزخارف ،كنت
متأك ًدا أنني أمام بيتي ،كان البيت مضا ًء من الداخل صغيرة على النواصي بيبيعوا حشيش وبانجو
وبرشام علنًا! عارف حضرتك مين اشترى البيت؟
وتنبعث منه أصوات حياة ،رننت الجرس فأطلت
بعض الرؤوس من النوافذ والبلكونة ثم اختفت، -مين؟
لمحت كلبًا ضخ ًما مربو ًطا بسلسلة خلف البوابة -فاكر حضرتك أم مجدي مرات الشيخ توفيق؟
مباشرة. -الله يرحمه ويسامحه بلانا بيها..
عاودت دق الجرس وانتظرت ،خرجت لي امرأة -هي اللي اشترت بيتنا.
شابة سألتني: -يا ساتر ،تبيع بيت أبوك اللي اتربيت فيه إنت
-نعم. واخواتك لست زي دى!
سألتها:
-مشبوهة وسيرتها واصلة لآخر الدنيا وهاتنجس
-انت مين؟ البيت ،مش فارق معايا ،من يومها ماعتبتش هناك،
قالت:
عارف حضرتك السمسار الوسيط في بيع البيت
-صاحبة البيت. للست دي مين؟ الأستاذ أحمد ابن حضرتك ،باسم
-دا بيتى! الله ماشاء الله مكتب المحاماه اتوسع في السمسرة
-مين حضرتك؟ وتقسيم الأراضي وربنا فتح عليه ،سمعت إنه
-يحيي عامر. داخل انتخابات البرلمان.
-أمي اشترت البيت من أكتر من سنة من أصحابه ذكرني حديثه بالمرة الأخيرة التي استدعوني فيها
ومعانا عقد. لمكتب أحمد ليطلبوا مني تركهم في حالهم وعدم
-أمك مين؟ التدخل في شئونهم ،عندما قال يوسف الأوسط
-الحاجة أم مجدي. مهندس الإشغالات بمجلس المدينة بحسم قاطع أن
-مرات الشيخ توفيق. الحياة تستحق أن نعصي الله لنستمتع بها ،وقام
منتف ًضا ورزع الباب خلفه ،ورأيت في عيون أحمد
-أبويا ،الله يرحمه؟ وزينب الرضا الكامل عما قاله ،أدركت أنني وصلت
أغلقت البوابة في وجهي فرأيت جميع النوافذ
والبلكونات ُتفتح ويطل منها رجال ونساء وأطفال معهم لمفترق طرق كلها مسدودة.
كثيرون ،لم أستطع في الظلام تبين ملامحهم، كانت الرائحة تزداد كلما اقتربنا من البيت ،الغريب
اكتشفت في تلك اللحظة نسيان حقيبتي بكل ما فيها
أنني تعودت عليها وزال المغص وتوقفت الرغبة
في سيارة تلميذي القديم. في القيء ،بدأ الليل يهبط بظلامه ورأيت بعض
الإضاءات المتناثرة خافتة.
وصلنا إلى الشارع الرئيسي ،كان الليل قد أصبح
صري ًحا وظلامه أسود ثقي ًل ،توقف الرجل:
-للأسف مش هاقدر أدخل بالعربية لحد لبيت،
الشوارع ضيقة ومكسرة ،ممكن أمشي مع