Page 121 - merit 45
P. 121

‫نون النسوة ‪1 1 9‬‬

‫جوستافو جوتيريز‬   ‫إيليني كارنيديرو‬                           ‫أو انقلابات أو حروب أو حتى كسر للمفاهيم‬
                                                             ‫التقليدية‪ .‬وهنا تترابط المطالب الفردية وهموم‬
  ‫على خليفة قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير‬             ‫المجتمع بهدف محاولة تغيير المصير الجمعي إلى‬
      ‫بمصر ومحاولات إحباطها على يد قوات الأمن‬           ‫الأفضل؛ حيث يعد الخلاص الجمعي في هذه الحالة‬
                                                           ‫وسيلة لتحقيق الذات‪ .‬فإذا كان الخلاص الفردي‬
   ‫والمعارضين وأصحاب المصالح السياسية‪ ،‬لتعقد‬               ‫هو مرحلة تطهر خاصة يطمح لها الفرد لنفسه‪،‬‬
  ‫الكاتبة علاقة رمزية تقوم على المشابهة بين مصير‬        ‫فإن الخلاص الجمعي هو حلم نهضوي عام يشغله‬
‫الشخصيات وما يصيبها من ضعف وانهيار ومصير‬                   ‫من أجل تحسين الأحوال العامة للمجتمع ولذاته‬

                      ‫الوطن في تراجعه وانهزامه‪.‬‬                                               ‫بالتبعية‪.‬‬
                                                           ‫وقد جسدت الروايات العربية ‪-‬في معظم مراحل‬
‫الحكي وسيلة للخلاص‬                                       ‫تطورها‪ -‬تضافر المصير الفردي والمصير الجمعي‬
                                                         ‫م ًعا‪ ،‬فعبَّر كاتبوها عن صراعات الشعوب من أجل‬
 ‫قدمت الرواية عدة بطلات مغتربات عن ذاتهن وعن‬
‫المجتمع الصغير الذي ينتمين إليه؛ بد ًءا من «صديقة»‬           ‫التغلب على مشاعر اليـأس الذاتية والإحباطات‬
‫والدة «مريم» التي عانت في طفولتها من التمييز بين‬           ‫الفردية دون انفصال عن هموم الأمة في سعيها‬
                                                        ‫نحو التحرر‪ .‬وقد ظهر في كثير منها تجليات ارتباط‬
   ‫الذكر والأنثى وتفضيل الابن «علي»‪ ،‬رغم مرضه‪،‬‬           ‫الانكسار الفردي بهزيمة الوطن من ناحية‪ ،‬وتحقق‬
   ‫على سائر أخواته من البنات‪ ،‬تلك المفاضلة القائمة‬       ‫الذات المرهون بانتصار الوطن ونهضته من ناحية‬
‫فقط في أساسها على الجنس البيولوجي‪ .‬ثم استمرار‬            ‫أخرى‪ .‬وهنا‪ ،‬يتحول الخلاص الفردي للأشخاص‬
  ‫معاناتها بعد ذلك مع رغبة زوجها في إنجاب ابن‪/‬‬             ‫من مصير داخلي خاص إلى مصير خارجي عام‪،‬‬
  ‫ذكر والتقليل من زوجته لإنجاب ابنة‪ /‬بنت‪ ،‬وحث‬             ‫وعكس ذلك صحيح‪ ،‬فالحديث عن خلاص جمعي‬
‫والدته له على الزواج من امرأة أخرى تنجب له الولد‪،‬‬         ‫يعني الإيحاء بخلاص الأفراد‪ ،‬حيث يتعالق العام‬
                                                         ‫والخاص لتجسيد وحدة المصير‪ .‬وربما يرجع ذلك‬
            ‫بحجة أن الدين يبيح له تعدد الزوجات‪.‬‬             ‫إلى انشغال السردية العربية‪ ،‬في أغلب الأحوال‪،‬‬
    ‫نلمس تلك المظاهر الاغترابية بوضوح في وصف‬
 ‫الشخصية وسلوكها وحديثها طوال السرد‪ ،‬فكانت‬                     ‫بتقريب المسافة بين الحدث التاريخي والبعد‬
   ‫جز ًءا رئي ًسا من بنيتها يعبِّر بشدة عن آثار القهر‬  ‫التخييلي‪ ،‬وعرضهما متضافرين في إطار حكائي يثير‬

                                                                                         ‫اهتمام القارئ‪.‬‬
                                                       ‫في هذا السياق‪ ،‬تعرض الكاتبة المصرية «أريج جمال»‬

                                                           ‫في روايتها الأولى «أنا أروى يا مريم»‪ ،‬الصادرة‬
                                                          ‫عن دار الساقي للنشر عام ‪ 2019‬والحاصلة على‬
                                                          ‫جائزة ساويرس الثقافية في مجال الرواية‪ /‬فرع‬
                                                          ‫شباب الأدباء عام ‪ ،2021‬عدة شخصيات نسوية‬
                                                        ‫مأزومة تصارع ذاتها والآخرين في رحلة بحثها عن‬
                                                       ‫الخلاص‪ .‬وتسرد الكاتبة‪ ،‬مستخدمة ضميري المتكلم‬
                                                           ‫والمخاطب حسب الغاية والظرف‪ ،‬حكاية «مريم»‬
                                                           ‫و»أروى» اللتين يتشاركان حالة الاغتراب الذاتي‬
                                                        ‫والانفصال عن المجتمع‪ ،‬وتجسد لقاءهما في القاهرة‬
                                                          ‫بوصفه نو ًعا من الخلاص لكل واحدة منهما‪ ،‬بعد‬
                                                            ‫أن تعرضت كل شخصية لعدة أحداث مأساوية‬
                                                         ‫بدأت مع مرحلة الطفولة‪ .‬وتأتي الأحداث الخاصة‬
   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126