Page 128 - merit 45
P. 128

‫العـدد ‪45‬‬   ‫‪126‬‬

                                                      ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

  ‫التي تأتي مبتورة من سياقها أو أقرب لأن تكون‬          ‫البصري في منطق الشخصية الروائية التي تظلمها‬
   ‫مقحمة‪ ،‬وذلك لكون الشخصية ليست بالأساس‬              ‫العادات والتقاليد فتختلط لديها الأمور وتكره بلدها‬
‫ناشطة سياسية أو على الأقل تقحم نفسها في الفعل‬
  ‫الثوري بشكل كامل أو تشارك فيه بكثافة بل هي‬             ‫أو تراها جحي ًما جدي ًرا بأن يغضب الجميع عليه‪،‬‬
                                                         ‫ولهذا ذكر الخطاب في مرتين علم الدولة في إطار‬
                               ‫دائ ًما على هامشه‪.‬‬      ‫مشاعر سلبية للشخصية أقرب لأن تحيل إلى حال‬
  ‫لكن ربما تكون القيمة الإيجابية في هذا الربط بين‬       ‫من الكراهية والمقت‪ ،‬وهنا يبدو خطاب الرواية في‬
‫السياسي والاجتماعي في ما يمكن فهمه أو تصوره‬           ‫أزمة لكونه يصبح أقرب إلى التوجيه أو افتعال حالة‬

    ‫قرائيًّا أو من زاوية المتلقي في تكوين الشخصية‬         ‫من الغضب السياسي التي ليست لها مبرراتها‬
‫التي أضحت مشحونة بحال من الغضب الأعمى أو‬                 ‫المتجذرة في نفس الشخصية الثائرة أو الغاضبة‪،‬‬

  ‫الشامل‪ ،‬والحقيقة أنه حينئذ يكون أقرب إلى حال‬               ‫ولهذا لن يكون منطقيًّا ما ذكرته في مواضع‬
    ‫مرضية أو اختلال نفسي‪ ،‬فيكون غضبها تجاه‬                 ‫كثيرة عن اغتصاب أو إشارات سلبية للضباط‬
                                                         ‫والجنود أو غيرها من علامات الدولة‪ ،‬فالضباط‬
  ‫العالم كله أو الوجود بأكمله لكنه أحيا ًنا ما يتجلى‬    ‫يطمعون في صاحبتها في المطار أو يشتهون النوم‬
    ‫في صورة غضب سياسي‪ ،‬وهو أقرب للمنطق‪،‬‬                   ‫معها‪ ،‬والجنود في الميدان لا يعرفون غير العنف‬
    ‫وبخاصة إذا كانت الشخصية على قدر كبير من‬              ‫والاغتصاب والقنص والقتل وغيرها من الأشياء‬
     ‫التشتت وغياب الرؤية وتهيمن عليها حال من‬
                      ‫الاغتراب والتيه أو الضياع‪.‬‬
    ‫وهكذا فإن المضمون ليس جدي ًدا ونجده بكثافة‬
    ‫في كتابات نوال السعداوي وسلوى بكر وسعاد‬
    ‫سليمان وغيرهن من الكاتبات المصريات اللائي‬
     ‫يبدو خطابهن مشحو ًنا بطاقات من الغضب أو‬

‫الرفض لأوضاع الأنثى والثائرات بسردهن على كل‬
‫البنى الاجتماعية الظالمة للمرأة والضاغطة التي‬
‫تجبر على مسارات معينة وتدفع لتهشم هذا‬

   ‫النموذج من المرأة بفعل الضغوط لأجل‬
    ‫إنجاب الولد‪ ،‬ولكن الجديد في تناول‬
    ‫أريج جمال وما يخصها هو قناعتها‬
 ‫بأسلوبها الخاص وقدرتها على الاعتناء‬
   ‫بالتفاصيل وخلق حكاية ذات كثافة‬
      ‫في حضورها عبر التبئير الداخلي‬
    ‫والتركيز على نفسية الذات الساردة‬
     ‫التي يأتي السرد على لسانها وما ًّرا‬
 ‫عبر مشاعرها أو بؤرة مشاعرها بما يجعله‬
    ‫دائ ًما سر ًدا مشحو ًنا بشحنات عاطفية‬
‫تسرى فيه وتجله على قدر من التوتر‬
‫والانفعال العاطفي الذي يستحوذ‬
   ‫على مشاعر المتلقي ويجعله‬
     ‫أكثر تصدي ًقا‪ ،‬وهذا هو‬
   ‫المنجز الأساسي للسرد‬
   ‫في خطاب هذه الرواية‪،‬‬
   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133