Page 135 - merit 45
P. 135

‫نون النسوة ‪1 3 3‬‬

‫ماء طفولتها‪ ،‬بكلام الأب وتقريعه‪ ،‬مما سبب ذلك‬
   ‫نق ًصا حا ًّدا في بناء ذاتها مستقب ًل‪ ،‬فهي حينما‬
  ‫كبرت بحثت عن الحب الذي كانت تفتقده كثي ًرا‬
                                     ‫في صباها‪.‬‬
     ‫ثم تصف مريم لصديقتها «أروى» بيتهم في‬
   ‫الرياض قائل ًة‪« :‬كان بيتنا مكو ًنا من غرفتين‬
     ‫فقط بلا حتى صالة‪ ،‬يفتح باب البيت على‬

 ‫غرفة لعبي ومكان طهي ماما وأكلنا وحمامنا‪،‬‬
      ‫والباب الثاني في الحائط يؤدي إلى غرفة‬

 ‫نومنا والتلفزيون والدواليب البلاستيك‪ .‬التي‬
‫تغلق بسحابات طويلة وليس لها أقدام فتثبت‬

                              ‫على الأرض» ‪.21‬‬
    ‫لتصف ال َّساردة‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬ضيق السطح‪ ،‬على‬
‫الرغم من انفتاحه‪ ،‬بوصفه مكا ًنا مفتو ًحا يط ُّل على‬
   ‫الفضاء‪« :‬السطح كان مساحة جرداء إلا من‬
  ‫الأطباق الهوائية‪ ،‬وجثث الحمام الذي أخفق‬
   ‫في الطيران‪ ،‬أو مات من فرط التعب‪ ،‬فتيبس‬
   ‫ريشه وأصبح لونه غام ًقا وعنقه متغض ًنا»‬

                                            ‫‪.21‬‬
      ‫ومن إفرازات هذا الضيق المكاني ‪-‬الذي هو‬
 ‫بعين مريم أضيق من فضاء الرحم‪ -‬أ ْن أشعرها‬
‫بالوحدة‪ ،‬وهي الوحيدة بلا أخت ولا صديق‪« :‬أ ْن‬
    ‫تكوني صغيرة عائشة في غرفة مستطيلة‪،‬‬
     ‫مقسمة إلى غرفتين أصغر وذلك ك ُّل بيتك‪،‬‬
  ‫ترين الشمس قلي ًل‪ ،‬وبلا أصحاب ولا أخوة»‬

                                           ‫‪.25‬‬
       ‫تبرز هنا الحالة النفسية لمريم وهي تعيش‬
   ‫طفولتها في مستطيل صغير هو ك ُّل بيتها‪ ،‬ومع‬
    ‫ذلك هي وحيدة ليس لديها سوى ألعابها التي‬
‫تسليها وتطرد عنها الوحشة في ذلك الفراغ المقيت‬

                                     ‫والمضجر‪.‬‬
 ‫وحينما قرر أبوها بأن تعمل والدتها وتتركها في‬

    ‫البيت لوحدها‪ ،‬لأنها كبرت‪ ،‬ازدادت وحشتها‪،‬‬
  ‫وكبر خوفها من المجهول‪ ،‬لذا ق َّررت أن تنام مع‬

     ‫عرائسها في العلبة الكارتونية‪ ،‬لتطرد الخوف‬
‫عنها‪« :‬ماما عيناها ذاهلتان في السقف‪ ،‬تخاطب‬

    ‫نفسها أكثر مني‪ :‬ماتزعليش مني يا مريم‪،‬‬
‫وأنا أكلم العروسة المبلولة‪ :‬مريم متزعلش من‬
‫ماما مريم متعرفش تزعل من ماما‪ ،‬لكن تحكي‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140