Page 136 - merit 45
P. 136

‫العـدد ‪45‬‬   ‫‪134‬‬

                                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

    ‫واحدة له‪ ،‬بضع صور فقط لماما عثر عليها‬                                      ‫للعروسة حدوتة»‪.‬‬
      ‫عبد الله وهو يبحث عن أشيائها الخاصة‬                                               ‫وعلى الرغم‬
     ‫واقتسمناها سو ًّيا‪ ،‬خبأتها في بطن حقيبة‬                                           ‫من وحدتها‬
                                                                                        ‫وخوفها لم‬
   ‫الثياب المتوسطة التي سأحملها إلى الطائرة‬
   ‫كي لا يجدها أي أحد سوا َي لأ َّن البطن أكثر‬                                 ‫تسلم من كلام أبيها‬
                                                                       ‫وتمنِّيه لو كانت مريم صبيًّا‪:‬‬
         ‫الأماكن أما ًنا في العالم كما قال» ‪.105‬‬                      ‫«كان بابا يحلم بعلي يحدق‬
      ‫وهي في تلك الحالة ترى أن البطن هي أكثر‬                         ‫ف َّي وأنا آكل‪ .‬فيقف الطعام في‬
‫الأماكن أما ًنا في العالم‪ ،‬وهذه إشارة لتعلقها برحم‬                   ‫حلقي‪ ،‬وهو يعود إلى طعامه‪.‬‬
    ‫جنتها التي رحلت إلى الأعالي من دون رجوع‪.‬‬                    ‫سأل ماما مث ًل‪ ،‬ماذا كان يجري في‬
 ‫فما لبثت هذه الطفلة إلا أن تخاطب الله تعالى كي‬                   ‫العالم لو أن مريم هي علي‪ .‬ماما‬
 ‫يرسل لها الحب؛ ليملأ قلبها وروحها‪« :‬هذه هي‬                            ‫أي ًضا تأ َّسفت وكان لأسفها‬
    ‫الأيام التي خاطبت فيها الله الذي يسكن في‬                          ‫أسباب أراها في عينيها» ‪.51‬‬
‫السماء كي يرسل إل َّي الحب أو أخ ًتا أو حصا ًنا‬
     ‫عملا ًقا‪ ،‬أو أن يبعث لي بح ًرا واس ًعا أملكه‬                          ‫فضيق المكان كان أهون‬
‫وحدي «قد السما ابتاعتك كده»‪ ،‬كنت أردد على‬                             ‫عليها من ضيق كلمات والدها‬
                                                                       ‫التي أشعرتها بأنها من دون‬

                                                                          ‫قيمة ولا فائدة‪ .‬كل شيء‬
                                                                       ‫كان لـ(علي)‪ ،‬الكلام والحب‪،‬‬
                                                                  ‫والمستقبل‪ ،‬هكذا أشعرتنا الروائية‬
                                                                      ‫معها بشدة الألم والغيرة التي‬
                                                                     ‫تشعر بها مريم‪« :‬كنا نشتري‬
                                                               ‫الأكواب البلاستيكية المرسوم عليها‬
                                                             ‫حرف ‪ A‬ملاءات السرير وفوط مسح‬
                                                    ‫الوجه‪ ،‬أنا مث ًل كثي ًرا ما ارتدي ُت وسادتي على‬
                                                    ‫بطني وخرج ُت أقو ُل‪ :‬إنني أي ًضا حامل بعلي»‬
                                                               ‫‪ .51‬هذه أيامي قبل أن أراك يا أروى‪.‬‬
                                                    ‫وهي تفضفض أحزانها عن منغصات أخيها الذي‬
                                                       ‫لم يولد بع ُد‪ ،‬قالت لأروى‪« :‬اسم علي بالكامل‬
                                                        ‫هو علي محمد علي‪ ،‬اب ًنا با ًّرا للباشا الكبير‬
                                                     ‫أكثر مني‪ ،‬انظري كم كان اسمه موسيق ًّيا‪ ،‬ثم‬
                                                            ‫انظري إلى نتوء أسمي أنا‪ ،‬مريم» ‪.52‬‬
                                                       ‫لذا ص َّورت الساردة المشاركة‪ ،‬حالة مريم مما‬
                                                        ‫جعلت المتلقي يعيش معها‪ ،‬ويشعر بمعاناتها‬
                                                         ‫النفسية‪ ،‬وسوء حالها في ذلك البيت الضيق‪.‬‬
                                                        ‫ولما جاء خبر وفاة أبويها ‪-‬في مشفى اليمامة‬
                                                      ‫الذي ولدت فيه‪ -‬وقد حبست في الدار لوحدها‬
                                                          ‫لثلاثة أيام‪ ،‬لم يكن يسليها إلا منظر عازفة‬
                                                     ‫الأوبوا في التلفاز‪ ،‬الذي ظل يشتغل طول الوقت‬
                                                    ‫وهي كامنة على سريرهما‪« :‬لم يكن معي صورة‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141