Page 137 - merit 45
P. 137

‫نون النسوة ‪1 3 5‬‬                                                    ‫طلباتي كأنه يسجلها من بعدي على ورقة‪ ،‬كي‬
                                                                    ‫يحققها لي بحرص في المستقبل‪ ،‬لأنه لا ينسى‪،‬‬
 ‫وأروى بعد حميمية القرب الجسدي الذي حصل‬
 ‫فيما بينهما «اسأليني يا مريم اسأليني»؟ «أنا‬                                          ‫كما تقول ماما» ‪.22‬‬
                                                                        ‫بعد ذلك وهب الله لها حبيبة هي‬
    ‫خايفة‪ .‬هاتي يدك واسأليني‪ ،‬اسأل ازاي يا‬                               ‫«أروى» العائدة من ألمانيا كي‬
 ‫أروى اسأل ازاي؟‪ ..‬أروى تبتدي من هنا‪ .‬أول‬
                                                                          ‫تعزف ألحانها لث َّوار يناير في‬
   ‫شيء ضربته الكهرباء يدي‪ ،‬يدي على القلب‬                                 ‫ميدان عبد المنعم رياض‪ ،‬قرب‬
‫والخوف يبتعد وأنا ألمس قطعة اللحم الحمراء‬                                ‫محيط المتحف‪« :‬لم أكن أعرف‬
                                                                       ‫أنه سيرسلك يا أروى‪ .‬فقولي لي‪:‬‬
  ‫النابضة مباشر ًة‪ ،‬كنت ساكن ًة حتى وصلني‬                            ‫هل يمكن أن يأخذ الله البحر بعد أن‬
  ‫الإحساس فبدأت تلاوت ِك‪ ،‬من هنا خرج ِت من‬
 ‫مصر ومن هنا رجع ِت ومن هنا كان المفروض‬                                                 ‫ُيعطيه؟» ‪.22‬‬
‫تتولدي أنتي أو أتولد أنا»‪« ..‬أي بطن يا أروى‬                         ‫فيكون اللقا ُء الأول في محطة المترو‬
‫أي بطن كانت بطنك؟ وهنا متخافيش يا مريم‪،‬‬                              ‫في القاهرة‪ ،‬بعد تغير أحوال مريم‬

   ‫من هنا أقدر أشيلك جوة رحمي وأجري ب ِك‬                              ‫ورجوعها إلى مصر‪ ،‬والعيش مع‬
‫ولا إنسان يقدر يوصل لك‪ ،‬على لحمي المسنون‬                                ‫جدتها وأعمامها‪ ،‬بوصفها البنت‬

       ‫أقدر أجري ألمانيا كلها ومصر كلها وأنا‬                                 ‫اليتيمة لابنهم «محمد علي»‪.‬‬
  ‫ملتهبة‪ ،‬فتأكل ناري الكوكب كله» ‪.100 -99‬‬                            ‫هذا اللقاء التاريخي الذي سوف يحدث‬
 ‫لهذا اللقاء الحميمي مردوده الإيجابي على مريم‪،‬‬                        ‫انعطافة كبيرة في حياة مريم الباحثة عن‬
  ‫وعلى أروى أي ًضا‪« :‬علمتني أروى أن أستخ َّف‬
                                                                       ‫الحب والحرية‪ ،‬مريم التي حلمت بأن تكون‬
    ‫باللذة وألا أكتفي منها‪ ،‬أنا بين رجائي لها‬                             ‫شاعرة‪ ،‬وعازفة‪ ،‬وأن تستطيع التغلب على‬
  ‫بإطفاء النار ورجائها بالمواصلة‪ ،‬كنت أتلقى‬
   ‫شي ًئا جدي ًدا من العطاء اسمه الإفراط» ‪.137‬‬                       ‫خوفها المزمن بتراكماته القسرية‪ .‬وليكون اللقاء‬
                                                                         ‫المباشر فيما بينهما أول مرة في شقة شارع‬
       ‫وما لبثت السادرة تكشف المنولوج الداخلي‬                            ‫شامبليون في الدور الرابع‪ ،‬هذه الشقة لطالما‬
    ‫في نفسيتيهما عند أول لقاء حميمي جمع بين‬
                                                                     ‫احتوت ح َّب سارة وميشيل النَّجار‪ ،‬والدا أروى‪.‬‬
       ‫الحبيبتين‪« :‬قلت لها‪ :‬أنا بحبك يا روحي‬                          ‫لذا سوف تشعر مريم بأنوثتها‪ ،‬حينما يتع َّريان‬
  ‫اورقرضبتعهيا‪،‬ممنعي‪،‬الألفحظطتكنوتجتههساتكعليهديبنك ّفم َّيصريت ِك‬  ‫من الخارج والداخل؛ ليزيحا ألم الخوف والخجل‪،‬‬
                                                                    ‫وكل شيء عالق في نفسيهما «كنت تشفين حتى‬
      ‫من العالم يا أروى‪ .‬صح؟ صح‪ .‬مصرية‬                              ‫العظم‪ .‬منذ نهوضك وقد صار قلبي يهبط أكثر‬
  ‫منسية ومكشوفة الوجه بلا برقع ولا حياء‪.‬‬                            ‫في صدري وأرتعد‪ ،‬وقفت أمام الشباك المفتوح‬
‫صح؟ بالتأكيد‪ .‬تأكلين من رحمي وتتوجعين‪.‬‬                                ‫على الليل وفهمت أن ن َّيت ِك خلع قميصك‪ .‬هذه‬
 ‫أنا بحبك‪ .‬كم مرة استمعت هذه الغرفة لكلمة‬
                                                                             ‫هي اللحظة وأنا غير مستعدة‪.98 »..‬‬
    ‫أنا بحبك؟ كم عاشت ناس وماتت دون أن‬                               ‫وأخي ًرا سمحت مريم‪ ،‬بعد تع ِّريها‪ ،‬أن تنفق ليلها‬
   ‫تسمعها هكذا صريحة ومريحة وغير قابلة‬                                ‫كله بالحب‪ ،‬حينما سمعت كلمة أحبك من أروى‬

                               ‫للاحتيال» ‪.137‬‬                            ‫«أنت أجمل ست في الدنيا يا مريم»‪ ،‬ظلت‬
  ‫حتى وصولهما لحظة الاندماج «الغنوصي» على‬                           ‫تر ِّددها على كل قطعة تذوقها من جسدي حتى‬
                                                                     ‫حفظت نغمتها ونبرة صوتها وجريان اسمي‬
     ‫الرغم من كونهما امرأتين‪« :‬لحظة ادخليني‬                         ‫على لسانها‪ ،‬أنفقت ليلي كله في الحب‪ ،‬وكان لي‬
    ‫يا أروى لا تخرجي مني ولا تخرجيني إلى‬
                                                                                           ‫أخي ًرا ح َّق إنفاقه» ‪.100‬‬
                                  ‫العالم» ‪.١٣٩‬‬                            ‫لتتج َّسد اللحظة المشيمية الأخيرة بين مريم‬
   ‫لتنتهي الروية على لسان أروى بعبارة‪« :‬كانت‬

                                 ‫أيامًا عادية‪»..‬‬
   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142