Page 180 - merit 45
P. 180

‫العـدد ‪45‬‬                               ‫‪178‬‬

                               ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬                          ‫عامة تشكل أساس تطور‬
                                                                      ‫الثقافة وتحقق تراكمها‪،‬‬
‫و»لما أحطكم في دماغي ألبس‬         ‫ما بترفعش غير الناقص»‬          ‫«فالخبرة عند ويليامز هي ما‬
‫إيه في رجلي»‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬           ‫أو «المكتوب مفيش منه‬        ‫يجب على أي تحليل ثقافي أن‬
                                                                  ‫يقدمه في نهاية المطاف‪ ،‬ففي‬
  ‫ولا شك أن هذا النمط من‬         ‫هروب» أو «اتنين مالهمش‬          ‫الخبرة تتقاطع كل الممارسات‬
‫اللافتات التي تحاول تعظيم‬          ‫أمان‪ :‬الفرامل والنسوان»‬            ‫المختلفة‪ ،‬وداخل الثقافة‬
‫الذات يمثل نم ًطا من السلوك‬       ‫تقترب كثي ًرا في أسلوبيتها‬       ‫تتفاعل الممارسات المختلفة‬
 ‫الدفاعي العدواني لدى هذه‬         ‫من بنية المثل الشعبي‪ ،‬من‬        ‫وإن على أساس متفاوت»(‪.)5‬‬
                               ‫حيث الاعتماد على السجع أو‬         ‫إن رايموند ويليامز يستوعب‬
         ‫الشريحة المقهورة‪.‬‬      ‫المفارقة الدلالية‪ ،‬وهذه البنية‬   ‫مفهوم الخبرة ضمن تعريفه‬
     ‫يرى الدكتور مصطفى‬          ‫اللغوية شبه الشعبية توحي‬             ‫للثقافة بوصفها «أسلو ًبا‬
     ‫حجازي في كتابه المهم‬      ‫بكونها تكتنز خبر ًة اجتماعية‬           ‫للحياة»‪ ،‬وقوله بترادف‬
 ‫«التخلف الاجتماعي‪ :‬مدخل‬        ‫ما في دلالتها‪ ،‬بغض الطرف‬          ‫الخبرة الاجتماعية مع «بنية‬
   ‫إلى سيكولوجية الإنسان‬           ‫عن تقييمنا لهذه الخبرة‪.‬‬           ‫الشعور» يجعلها تقع في‬
 ‫المقهور» أن من أهم سمات‬                                          ‫موقع الأصالة من أي تحليل‬
     ‫الذهنية المقهورة غياب‬           ‫فيما تؤكد أنماط أخرى‬           ‫ثقافي؛ ولا شك أن صياغة‬
 ‫المنهجية العلمية في التفكير‪،‬‬     ‫من عبارات التوكتوك على‬            ‫لافتات التوكتوك على نمط‬
  ‫تلك المنهجية التي تستطيع‬     ‫وضعية سيكولوجية مقهورة‬               ‫المثل الشعبي يجعلها تبدو‬
   ‫أن تقيم العلاقات المنطقية‬                                     ‫في صورة العبارة التي تكتنز‬
  ‫للأسباب التي أدت إلى هذا‬            ‫لواضعها؛ حيث تتبنى‬          ‫الخبرة الاجتماعية‪ ،‬ومن ثم‬
 ‫الوضع الاجتماعي المتردي‬        ‫خطاب تعظيم الذات وتتسم‬               ‫تؤشر على النسق الثقافي‬
     ‫للفرد المقهور‪ ،‬وبسبب‬                                         ‫الذي يحكم البنية الشعورية‬
    ‫غياب هذه المنهجية تلجأ‬           ‫بالعدوانية تجاه الآخر‪،‬‬      ‫لدى مستخدم هذه اللافتات‪،‬‬
     ‫سيكولوجيا المقهور إلى‬        ‫وغالبا ما يكون هذا الآخر‬        ‫بوصفه قد وصل إلى منتهى‬
   ‫تصور قوى أخرى ُيعزى‬                                                 ‫الحقيقة وعين الحكمة‪.‬‬
      ‫إليها أسباب وضعيته‬            ‫حاس ًدا أو ن ًّدا أو خص ًما‬
    ‫المتأزمة‪ ،‬كما أن الذهنية‬        ‫افتراضيًّا‪ ،‬فنجد عبارات‬            ‫وعلى الرغم من طرافة‬
  ‫المتخلفة تعاني من قصور‬         ‫من قبيل‪« :‬وحداني والزمن‬         ‫محتوى بعض هذه اللافتات‪،‬‬
    ‫الفكر النقدي لوضعيتها‬        ‫بيتحداني»‪ ،‬و»مهما السمك‬
   ‫الاجتماعية؛ ومن ثم يبدو‬     ‫كبر هفضل أنا الحوت»‪ ،‬و»لو‬                ‫وهزليتها في كثير من‬
‫حكمها على الأسباب انفعاليًّا‬     ‫يوم تميل أنا كتافي تشيل»‪،‬‬       ‫الأحيان‪ ،‬بل عبثيتها في أحيان‬
‫وعاطفيًّا؛ «إن الذهن المتخلف‬
 ‫متحيز بشكل تلقائي‪ ،‬نظ ًرا‬                                         ‫أخرى إلا أنها تؤشر وبدقة‬
  ‫لتداخل العوامل الانفعالية‬                                          ‫على العامل السيكولوجي‬
‫والعاطفية في أوالية التفكير‪،‬‬                                          ‫الفاعل في هذه الشريحة‬
 ‫وهو قطعي في تحيزه‪ ،‬فإما‬
    ‫أن يكون مع أو ضد أمر‬                                          ‫الاجتماعية المقهورة تعليميًّا‬
    ‫ما‪ .‬ويبدو قصور الفكر‬                                              ‫وصحيًّا ونفسيًّا ودينيًّا‬
    ‫النقدي بالتالي من خلال‬                                              ‫وسياسيًّا واجتماعيًّا‪،‬‬
  ‫العجز عن الجمع في سياق‬
   ‫واحد بين الأوجه الموجبة‬                                         ‫وبكلمة المقهورة ثقافيًّا‪ .‬إن‬
 ‫والأوجه السالبة لمسألة ما‪،‬‬                                         ‫البنية اللغوية للافتات من‬
                                                                     ‫قبيل‪« :‬الدنيا زي الميزان‬
   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185