Page 183 - merit 45
P. 183

‫‪181‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫على مركبات «التوكتوك»‬         ‫للوحات شهيرة‪ .‬وتأسي ًسا‬            ‫الأصدقاء‪ ،‬وكذلك صور‬
‫تمثل تجليًا من تجليات عصر‬           ‫على ذلك يرى بودريار أن‬       ‫الممثل المصري محمد رمضان‬
                                  ‫المحاكاة ليست مجرد نسخ‬         ‫في أفلامه المختلفة التي تعظم‬
     ‫الصورة في عالم ما بعد‬                                        ‫من البطل المغدور العنيف في‬
  ‫الحداثة‪ ،‬حيث تعمل الصور‬             ‫أو تقليد بسيط‪ ،‬بل هي‬
‫الزائفة ‪-‬عن الذات والمجتمع‪-‬‬          ‫شكل من أشكال «الوعي‬                    ‫سلوكه وانتقامه‪.‬‬
‫كوسيلة للتعبير عن الوضعية‬            ‫الزائف» الذي يظهر من‬              ‫في نقده لآليات سيطرة‬
                                     ‫تلقاء نفسه بعد التعرض‬        ‫وسائل الاتصال الجماهيري‬
    ‫الزائفة لتصور الذات عن‬         ‫للصور الزائفة‪« .‬ويتم ذلك‬       ‫على العقول في مجتمعات ما‬
‫نفسها‪ ،‬كما أن طبيعة الصور‬            ‫من خلال أربعة مراحل‪:‬‬           ‫بعد الحداثة يستخدم جان‬
                                      ‫(أو ًل) انعكاس أساسي‬         ‫بودريار مصطلح «الصورة‬
  ‫المختارة وإحالاتها المرجعية‬         ‫للواقع (الحالة الطبيعية‬         ‫الزائفة ‪،»simulacrum‬‬
    ‫تؤكد على نمط من العنف‬          ‫للوعي)‪( ،‬ثانيًا) الانحراف‬       ‫متتب ًعا الأصل الإيتمولوجي‬
      ‫الذي تنطوي عليه هذه‬                                           ‫للكلمة؛ حيث يشير إلى أن‬
      ‫اللافتات وهذه الصور‪.‬‬            ‫أو الانزياح عن الواقع‪،‬‬           ‫المصطلح جاء من اللغة‬
                                     ‫(ثالثًا) التظاهر بالواقع‪،‬‬       ‫اللاتينية حيث كان يعني‬
  ‫لافتات التوكتوك‬                ‫(راب ًعا) تشكيل صورة زائفة‬           ‫«التشابه ‪ »likeness‬أو‬
    ‫وثقافة العنف‬                   ‫للواقع‪ ،‬والتي لا علاقة لها‬           ‫«التماثل ‪،»similarity‬‬
                                  ‫على الإطلاق بالواقع‪ ..‬ومن‬         ‫وقد اُس ُتخدم المصطلح في‬
   ‫لاحظنا في كثير من لافتات‬        ‫خلال الصور الزائفة يرى‬         ‫القرن التاسع عشر من قبل‬
   ‫التوكتوك الواردة سل ًفا أن‬       ‫بودريار أن الناس يبنون‬         ‫الرسامين لوصف اللوحات‬
‫هناك سمة غالبة على معظمها‪،‬‬        ‫هوياتهم الاجتماعية‪ ،‬ويرى‬           ‫التي ُينظر إليها بوصفها‬
‫وهي كونها تنطوي على نزعة‬            ‫أن لهذا الفعل آثا ًرا بعيدة‬  ‫مجرد نسخ مقلدة أو محاكاة‬
 ‫عدوانية وعنيفة تجاه الآخر‪،‬‬     ‫مثيرة للشفقة‪ .‬ومن ثم تصبح‬
 ‫سواء كان هذا الآخر حاس ًدا‬        ‫العوالم الافتراضية‬
    ‫أو خص ًما أو ن ًّدا أو حتى‬   ‫‪Hyperreal worlds‬‬
 ‫امرأة‪ ،‬كما أنها تنطوي أي ًضا‬        ‫أكثر خبرة وذات‬
‫على نزعة تبخيسية لهذا الآخر‬     ‫معنى أكثر من العوالم‬
  ‫تقترن مع تعظي ٍم ما للذات‪،‬‬       ‫الحقيقية التي ُينظر‬
  ‫ولا شك أن هذه السمة تدل‬          ‫إليها على أنها تافهة‬
    ‫رمز ًّيا على نمط شائع من‬         ‫ومملة‪ .‬وفي نهاية‬
    ‫السلوك في هذه الشريحة‬          ‫المطاف فإن انخراط‬
                                      ‫الناس باستمرار‬
     ‫الاجتماعية‪ .‬إن أثر اللغة‬      ‫في الافتراضية التي‬
‫‪-‬بصفة عامة‪ -‬لا يتوقف عند‬        ‫صبغت كل شيء ‪-‬من‬
                                    ‫السياسة إلى الفن‪-‬‬
   ‫حدود نقل الأفكار أو فهم‬          ‫يجعلهم محكومين‬
 ‫الأبعاد النفسية والاجتماعية‪،‬‬          ‫بواسطة الصور‬
                                 ‫الزائفة»(‪ .)9‬ولا شك أن‬
   ‫وإنما يمتد أثرها في توجيه‬      ‫هذا النمط من الصور‬
 ‫السلوك الفردي والاجتماعي‬         ‫المستخدمة كملصقات‬

   ‫على السواء‪ ،‬وقد استفاض‬
   ‫علماء اللغة في الحديث عن‬

     ‫الطاقة الإنجازية الكامنة‬
  ‫خلف مفردات اللغة بوصف‬
   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188