Page 182 - merit 45
P. 182

‫العـدد ‪45‬‬                            ‫‪180‬‬

                              ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬                     ‫الجدلي واستحكام الخرافة‪..‬‬
                                                                 ‫إضافة إلى ذلك تتجمع في‬
 ‫التواصل الاجتماعي وآلياتها‬   ‫الحديث بالأحرى عن تجسد‪.‬‬
    ‫في التعبير‪ ،‬بل ربما تكون‬    ‫إن كلمتي موضوع وشيء‬           ‫شخصية المرأة‪ ،‬أو بالأحرى‬
                                                                   ‫في النظرة إليها‪ ،‬أقصى‬
‫لافتات التوكتوك هي الظاهرة‬    ‫ليستا مترادفتين إلا ظاهر ًّيا‪،‬‬
    ‫الأكثر تعبي ًرا عن وضعية‬    ‫فإذا فتحنا أي معجم فإننا‬        ‫حالات التجاذب الوجداني‪،‬‬
    ‫هذه الشريحة الاجتماعية‬                                             ‫فهي أكثر العناصر‬
    ‫في عصر ما بعد الحداثة؛‬    ‫سنقرأ أن كلمة موضوع هي‬
    ‫ولذا فإننا نلاحظ انتشار‬      ‫كل شيء ‪-‬الكائنات الحية‬       ‫الاجتماعية تعر ًضا للتبخيس‬
                                 ‫ضمنًا‪ -‬يؤثر في الحواس‪.‬‬       ‫في قيمتها على جميع الصعد‪:‬‬
 ‫الصور الهزلية (الكوميكس)‬         ‫بيد أن الكلمة تعني أي ًضا‬
‫المستقاة من وسائل التواصل‬         ‫الكائن الذي يتجه شعور‬         ‫الجنس‪ ،‬والجسد‪ ،‬والفكر‪،‬‬
                                ‫ما نحوه‪ ،‬وهو الذي تصبو‬        ‫والإنتاج‪ ،‬والمكانة»(‪)7‬؛ ويقابل‬
   ‫الاجتماعي‪ ،‬كما أن بعضها‬        ‫نحوه الرغبات‪ ،‬والإرادة‪،‬‬
‫يتكئ على اقتباسات من بعض‬          ‫والجهد والعمل‪ .‬أما كلمة‬         ‫هذا التبخيس تجاه المرأة‬
                               ‫شيء في المقابل فإنها تشير‬       ‫وضعية دفاعية لدى الرجل‬
   ‫الأفلام‪ ،‬مثل صورة أحمد‬
  ‫السقا وعمرو واكد من فيلم‬     ‫عمو ًما إلى وحدة مادية‪ ،‬غير‬        ‫المقهور تتمثل في تعظيم‬
‫«إبراهيم الأبيض»‪ ،‬مصحوبة‬           ‫حية‪ ،‬وجاهزة تما ًما»(‪)8‬؛‬        ‫الذات‪ ،‬جنسيًّا وجسد ًّيا‬
                                                                  ‫وفكر ًّيا وإنتاجيًّا‪ ،‬وحتى‬
     ‫بعبارة جاءت على لسان‬     ‫ولعل هذه الوضعية التشيئية‬
   ‫بطل الفيلم «بعتني بكام يا‬   ‫للمرأة هي ما تفسر عبارات‬                            ‫دينيًّا‪.‬‬
‫عشري»‪ .‬وهي صورة وعبارة‬          ‫تنتشر على بعض المركبات‬            ‫ويتساوق مع هذا النمط‬
 ‫ذات إحالة سيكولوجية أي ًضا‬                                         ‫من العبارات نمط آخر‬
                                   ‫من قبيل‪« :‬مطلوب مزة‬            ‫يقلص حضور المرأة على‬
     ‫تنطوي على تعظيم الذات‬    ‫شقية تقضي معايا الوردية»‪،‬‬        ‫مستوى الجسد فقط‪ ،‬ولكنه‬
  ‫التي لم تكن لتسقط لولا ما‬   ‫و»عليها جسم يودي القسم»‪،‬‬         ‫حضور للجسد في شيئيته‪،‬‬
  ‫أصابها من خيانة من أقرب‬     ‫ولعلها أي ًضا ما تفسر شيوع‬          ‫وليس بوصفه موضو ًعا‬
                                                               ‫للرغبة؛ فالرغبة في شخص‬
                                  ‫بعض الملصقات المصورة‬             ‫ما متعين يعني أن هذا‬
                                   ‫ذات الإيحاءات الجنسية‬         ‫الشخص المرغوب يصبح‬
                                                                  ‫موضو ًعا للرغبة‪ ،‬بمعنى‬
                                               ‫الصريحة‪.‬‬          ‫الحفاظ على كونه شخ ًصا‬
                                                               ‫له رغبة مقابلة‪ ،‬أما موضعة‬
                              ‫لافتات التوكتوك في‬               ‫المرأة بوصفها مح ًّل للرغبة‬
                                ‫عصر الصورة‬                         ‫الجنسية وحسب‪ ،‬فهو‬
                                                                ‫يعني بالضرورة تصورها‬
                                   ‫على الرغم من وصفنا‬         ‫بوصفها شيئًا‪« .‬إن موضعة‬
                               ‫للشريحة الاجتماعية التي‬            ‫الغير من خلال معاملته‬
                              ‫تضع اللافتات على مركبات‬         ‫كشيء هي من حيث الجوهر‬
                                                                 ‫مختلفة عن الموضعة التي‬
                                  ‫النقل بأنها الأكثر فق ًرا‬      ‫تحترمه بوصفه شخ ًصا؛‬
                                ‫والأكثر عرضة للقهر إلا‬           ‫ففي الحالة الأولى يمكننا‬
                                  ‫أنها شريحة لا تنفصل‬           ‫الحديث عن تشييء‪ ،‬بينما‬
                                ‫عن عصر ما بعد الحداثة‬           ‫في الحالة الثانية قد ينبغي‬
                                ‫الذي نحيا فيه‪ ،‬من حيث‬
                                 ‫الأثر الفاعل الذي تلعبه‬
                              ‫التقنية والصورة ووسائل‬
   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187