Page 186 - merit 45
P. 186

‫ويدخل في أزقة لا تدخل‬                    ‫كل ما كان ُينتقد في ثقافة‬
     ‫إليها أية سيارة‪ ،‬ويفلت‬               ‫الميكروباص‪ ،‬تضاعف مرات مع‬
      ‫بسهولة (وبطولة) من‬                 ‫ثقافة التوكتك‪ ،‬لأنه أكثر خرو ًجا‬
 ‫الرقابة الحكومية‪ ،‬وموفر في‬          ‫عن السيطرة‪ .‬ومثلما كانت "الكولا"‬
   ‫استهلاك الطاقة والصيانة‬             ‫و"ماكدونالدز" علامة الأمركة‪ ،‬فقد‬
  ‫والجراج‪ ،‬علاوة على توفير‬               ‫أصبح علامة العشوائية المعبرة‬
                                         ‫عن الألفية الجديدة بكل مركب‬
         ‫دخل لمن لا عمل له‪.‬‬        ‫الفوضى والجهل والعنف وقلة الذوق‬
   ‫هذا هو الجانب «الوردي»‬              ‫و"اللاقانوني"‪ ،‬ولم يعد مجرد دال‬
 ‫والمشرق في قصة التوكتوك‬
                                                       ‫على الفرق الطبقي‪.‬‬
      ‫إنه رخيص‪ ،‬لكن فكرة‬
   ‫الرخص نفسها لها جانب‬            ‫ويفضل معظم الجيل الحالي‬                          ‫الراكب‪.‬‬
                                    ‫من الفلاحين الموتوسيكلات‬            ‫يعتبر التوكتوك الابن‬
                 ‫آخر مظلم‪.‬‬          ‫والدراجات على الحمير‪ ،‬مع‬      ‫الشرعي لريكشة العبيد آتيًا‬
       ‫فبسبب رخصه كأداة‬            ‫ندرة الزرائب‪ .‬لكن هل لذلك‬        ‫إلينا من آسيا‪ ،‬مع الفارق‬
    ‫إنتاج وخدمة‪ ،‬وتصميمه‬           ‫أثر سلبي على البيئة الريفية؟‬  ‫أنه أصبح وسيلة نقل العوام‬
  ‫من مكونات بدائية وهشة‪،‬‬                                         ‫أنفسهم (عبيد الماضي) بينما‬
     ‫وضعف اتزانه بعجلاته‬                ‫ثم انضم التوكتوك إلى‬     ‫لذوي المال والنفوذ السيارات‬
  ‫الثلاث‪ ،‬لا يوفر أما ًنا كافيًا‪،‬‬   ‫ضجيج وفوضى الآلات في‬
      ‫خصو ًصا عندما ينطلق‬                                                           ‫الفارهة‪.‬‬
     ‫على طرق سريعة وسط‬                 ‫الريف والأحياء الشعبية‬          ‫إن تعبير «الركوب» في‬
 ‫الشاحنات العملاقة‪ ،‬فتصبح‬                      ‫وغير الشعبية‪.‬‬       ‫ثقافتنا الدارجة نشط وحي‬
      ‫احتمالات الموت كبيرة‬                                         ‫في المخيال والأمثال للدلالة‬
                                      ‫كان من المعتاد أن وسائل‬         ‫على الحس الطبقي أو ًل‪،‬‬
                   ‫بسيطة‪.‬‬              ‫النقل المعتمدة على دورة‬        ‫والإيحاء الجنسي ثانيًا‪.‬‬
                                        ‫البنزين والسولار‪ ،‬أنها‬
  ‫‪ -3‬العنف المادي‬                                                     ‫‪ -2‬الرخص‬
                                     ‫ترخص رسميًّا ويكون لها‬
     ‫أدى صعوبة ترخيصها‬                  ‫رقم وخط سير‪ ،‬ما عدا‬      ‫في أواخر السبعينيات تقريبًا‬
         ‫والسيطرة عليها إلى‬                                       ‫انتشرت الميكنة بضراوة في‬
                                   ‫التوكتك ظل عصيًّا في المجمل‬     ‫الريف‪ ،‬ومع توسع دخول‬
‫استغلالها في عشرات حوادث‬                 ‫على الترخيص‪ ،‬ويعمل‬
  ‫القتل والسرقة‪ ،‬منها حادثة‬                                         ‫الكهرباء باتت هناك وفرة‬
 ‫وقعت في قريتي‪ ،‬حيث اقتاد‬          ‫(بانتظام) خارج خط السير‪.‬‬      ‫هائلة في الآلات على كل لون‪،‬‬
 ‫رجل غريب صبيًّا إلى أرض‬              ‫تراه على الطرق السريعة‬
     ‫زراعية ثم ذبحه وسرق‬                                           ‫عكس ندرتها قبل ذلك‪ .‬بما‬
    ‫منه التوكتوك الذي يعمل‬         ‫وفي شوارع الأحياء الراقية‪،‬‬    ‫في ذلك انتشار سيارات النقل‬
  ‫عليه‪ .‬وبات من كلاسيكيات‬          ‫وقاد ًما من الاتجاه المعاكس‪.‬‬   ‫والميكروباص والتروسيكل‪.‬‬
 ‫الجرائم قيام السائق بخطف‬
     ‫فتاة أعجبته واغتصابها‬              ‫من الناحية الاقتصادية‬
    ‫مع أصدقائه في أي مكان‬            ‫بدا مفي ًدا لجميع الأطراف‪،‬‬
                   ‫مهجور‪.‬‬          ‫فأجرته أرخص من التاكسي‬

‫«فتش عن التوكتوك» كإحدى‬                 ‫(والصراع على الع َّداد)‬
   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191