Page 184 - merit 45
P. 184

‫العـدد ‪45‬‬                            ‫‪182‬‬

                               ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬                        ‫هذه الأخيرة مثي ًرا للفعل‪،‬‬
                                                                ‫وإذا ما تمعنا في مدونة هذه‬
  ‫أفدح صوره‪ ،‬وإنما المرجع‬          ‫هذه الشريحة الاجتماعية‬     ‫الدراسة وفي العبارات الواردة‬
‫الرئيس لثقافة العنف هذه هو‬     ‫شديدة الفقر للمال وللخدمات‬      ‫فيها سل ًفا سنجد أننا بصدد‬
 ‫إحساس أبناء هذه الشريحة‬                                       ‫عنف لغوي بامتياز‪ ،‬بالمفهوم‬
                                 ‫وللحياة الإنسانية الكريمة‪.‬‬
     ‫الاجتماعية‪ ،‬وغيرها من‬        ‫كما أن ك ًّل من ذاك النمط‬        ‫الاجتماعي المادي وليس‬
 ‫الشرائح الاجتماعية المماثلة‪،‬‬    ‫وهذا العامل الدافعي يفسر‬         ‫الأدبي‪ ،‬حسب جان جاك‬
                                                                 ‫لوسركل‪« ،‬وإن كان هناك‬
    ‫بغياب العدالة الاجتماعية‬         ‫السلوك العنيف السائد‬     ‫شيء يمكن تسميته بعنف في‬
   ‫والاقتصادية والإحساس‬           ‫لدى هذه الشريحة‪ ،‬والذي‬        ‫اللغة‪ ،‬فإن هذه الكلمة يجب‬
 ‫بالدونية وانحطاط في القيمة‬        ‫قد يتطور إلى حد ارتكاب‬       ‫أن تؤخذ حرفيًّا‪ ،‬ليس عنف‬
  ‫الإنسانية‪ ،‬وما العنف الذي‬     ‫جرائم القتل لأتفه الأسباب‪،‬‬    ‫الرمز‪ ،‬بل عنف التدخل‪ ،‬عنف‬
                                                               ‫حدث لا تمنعه لا ماديته من‬
      ‫يتجلى في بعض الأفلام‬         ‫وما هذا النمط من «اللغة‬     ‫أن يكون له آثار مادية‪ ،‬وهي‬
    ‫السينمائية كما يتجلى في‬       ‫العدوانية» إلا تمث ٌل لنسق‬     ‫ليست آثا ًرا استعارية‪ ،‬بل‬
   ‫بعض خطابات الأفراد في‬          ‫ثقافي مضمر يتجلى بسبب‬          ‫آثار تحول»(‪)10‬؛ ولعل هذا‬
‫وسائل التواصل الاجتماعي‪،‬‬          ‫القيمة الاجتماعية المنحطة‬    ‫النمط من الاستخدام اللغوي‬
  ‫وغيره من الرسائل اللغوية‬     ‫والحقوق الإنسانية المهدورة‪،‬‬     ‫العنيف‪ ،‬أو ما يمكن تسميته‬
  ‫الصادرة من (أو عن) هذه‬                                       ‫بـ»اللغة العدوانية» أحد أهم‬
‫الشرائح الاجتماعية إلا تجليًا‬       ‫ما أدى إلى شيوع ثقافة‬         ‫تمظهرات العامل الدافعي‬
‫ثقافيًّا لأنساق القهر والتخلف‬    ‫العنف والتشفي والانتقام‪.‬‬      ‫تجاه القهر الذي تتعرض له‬
                                 ‫ولعلنا لا نجانب الحقيقة إن‬
       ‫التي تحوط أفراد هذه‬     ‫زعمنا أن شيوع ثقافة العنف‬
        ‫الشريحة الاجتماعية‬         ‫لا يمكن حصر أسبابه في‬
                                 ‫نمط من الأفلام السينمائية‬
                                  ‫التي تجسد هذا الواقع في‬

                                                              ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ُ -‬ينظر‪ ،‬محمد الجوهري‪ :‬مقدمة موسوعة النظرية الثقافية (المفاهيم والمصطلحات الأساسية)‪ ،‬تأليف‪ :‬أندرو إدجار‪ ،‬بيتر سيدجويك‪،‬‬
                                                 ‫ترجمة‪ :‬هناء الجوهري‪ ،‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪ ،2009 ،‬ص‪.10‬‬

    ‫‪ -2‬للتوكتوك أسماء متعددة باختلاف المجتمعات التي تستخدمه‪ ،‬فيطلق عليه أي ًضا‪ :‬الباجاج أو الريكشا أو الستوتة أو الدودو‪.‬‬
 ‫‪ُ -3‬ينظر‪ ،‬جوناثان كوللر‪ :‬مدخل إلى النظرية الأدبية‪ ،‬ترجمة‪ :‬مصطفى عبد السلام بيومي‪ ،‬المجلس الأعلى للثقافة‪ ،‬المشروع القومي‬

                                                                        ‫للترجمة‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص‪ 66‬وما بعدها‪.‬‬
                                                                    ‫‪ -4‬انظر على سبيل المثال‪ :‬صفحة عبارات تكاتك‪:‬‬
                               ‫‪AA-%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%https://alahlampost.com/%D8‬‬
                       ‫‪-A9%AF%D8%D8%85%D9%A7%AC%D8%D8%-83%AA%D9%D8%A7%D8%83%AA%D9%%D8‬‬
 ‫‪%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%AB-%D8%AF%D8%AD%D8%D8%A7%D8%-A7%AF%D8%AC%D8%D8%‬‬

                                                                              ‫‪/A7%D8%83%AA%D9%AA-%D8‬‬
 ‫‪ -5‬ستيوارت هول‪ :‬الدراسات الثقافية (نموذجان)‪ ،‬ترجمة‪ :‬بشير السباعي‪ ،‬مجلة ألف (مجلة البلاغة المقارنة)‪ ،‬الجامعة الأمريكية‪،‬‬

                                                                               ‫القاهرة‪ ،‬العدد ‪2012 ،32‬م‪ ،‬ص‪.61‬‬
   ‫‪ -6‬مصطفى حجازي‪ :‬التخلف الاجتماعي «مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور»‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬

                                                                                       ‫التاسعة‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.64‬‬
                                                                                     ‫‪ -7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199‬‬
     ‫‪ -8‬ميشيلا مارزانو‪ :‬فلسفة الجسد‪ ،‬ترجمة‪ :‬نبيل أبو صعب‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪2011 ،‬م‪،‬‬
                                                                                   ‫ص‪( .142 ،141 ،140‬بتصرف)‬
                        ‫‪.2016 ,Marcel Danesi; Visual Rhetoric and Semiotic, Oxford University Press, USA -9‬‬
                ‫‪ -10‬جان جاك لوسركل‪ :‬عنف اللغة‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد بدوي‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.395‬‬
   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189