Page 258 - merit 45
P. 258
العـدد 45 256
سبتمبر ٢٠٢2
خاضه الكاتب خلال مسيرة من مقتنيات منزل ومتحف الكثير من الإثارة والغرابة ،إلى
حياته للالتحاق بالأكاديمية مادة خصبة لكثير من الأعمال
الفرنسية ،وهي المؤسسة الأدبية جان دي لافونتين الموسيقية واللوحات الفنية التي
الأكثر شهرة وحضو ًرا والتي حاولت أن تعكس الروح الجميلة
تضم أبرز الكتاب والمفكرين وعندما مر ثعلب من المكان وقد التي يقدمها الكاتب في حكايته
الفرنسيين ،وفشله في الوصول جذبته رائحة الجبن وسال لعابه،
إلى هذا الهدف لأسباب عدة من الفريدة .ولعل من أهم هذه
بينها علاقته غير الطيبة مع الملك، قال مخاطبًا الغراب« :كم أنت اللوحات تحفة الفنان الفرنسي
إلا أن هذا الأمر لم يقلل من شأنه رائع أيها الطير ..كم تبدو لى
أو يحد من انتشار أعماله ،التي جمي ًل ،صدقنى ..لو كان غناؤك ليون أوغسطين ليرميت التي
وصفتها الناقدة الأدبية الأكثر فى جمال ريشك ،فأنت أعجوبة تحمل أسم الخرافة نفسها «الموت
شهرة في ذلك الوقت ،مدام دي هذه الغابة» .بالطبع اهتز الغراب والحطاب» ،والتي ما زالت تزين
سيفينيه ،بأنها «ذات طبيعة أسمى فر ًحا لهذه الكلمات ،وفتح منقاره
من طبيعة البشر» ،وكانت شديدة واس ًعا ليثبت جمال صوته، جدران إحدى القاعات العليا في
التيقن من أن هذا الرأي يعكس فسقطت منه غنيمته وأمسك بها منزل ومتحف دي لافونتين ،إلى
بالضرورة رأي جمهور القراء الثعلب وهو يقول« :اعلم يا سيدى جانب العديد من اللوحات الأخرى
أن أى منافق يعيش على حساب التي تصور بع ًضا من خرافاته
اي ًضا. من يصغي إليه بجدية ،ولا شك الأكثر شهرة وشعبيىة في ذلك
أما الروائي الفرنسي المشهور أن هذا الدرس يستحق قطعة من
غوستاف فلوبير فيقول بأن دي الجبن» .شعر الغراب بالإحراج الزمان.
لافونتين هو «الشاعر الفرنسي والارتباك ،وأقسم ألا يقع فى مثل
الوحيد الذي استطاع أن يفهم هذا الفخ مرة أخرى ،ولكن بعد المنافق يعيش على حساب
تراكيب اللغة الفرنسية ويتمكن من يستمع إليه
فوات الآوان.
من استخدامها قبل عصر بالمحصلة ،تشكل الأعمال التي في حكاية «الثعلب والغراب»،
فيكتور هوجو» .بينما ثبتت قدمها جان دي لافونتين حالة يسلط دي لافونتين الضوء على
نبوءة الشاعر الفرنسي الأشهر خاصة تعكس دون شك عبقرية حقيقة الأشخاص المنافقين الذين
موليير حين قال لصديقه راسين يعيشون على اقتناص ما تيسر من
مماز ًحا ومستشه ًدا بعبقرية كاتبها .ورغم الصراع الذي موائد الأشخاص الذين يصغون
الكاتب الفرنسي الساخر جان
دي لافونتين« :لا ينبغي أن إليهم بسعادة .ورغم بساطة
نسخر من هذا ال َّشخص ال َّطيِّب، هذه الحكاية ،إلا أنها تحمل في
فر َّبما سيعيش أكثر منَّا جمي ًعا». طياتها رسالة عميقة مفادها ،أن
وبالفعل استطاعت أعمال دي لا نصدق على الفور كل كلمة تقال
لافونتين أن تعيش إلى يومنا هذا، في مجلسنا ،وخاصة من قبل
وأن تتناقلها الأجيال تلو الأجيال، أعدائنا ،مهما بلغت من الجمال
وأن تصل إلى كل أصقاع الأرض، والروعة ،فقد نكون محاطين
وأن تحظى باهتمام الكبار بالمنافقين الذين لا يتورعون عن
إلحاق الأذى بنا ،أو الاستفادة من
والصغار على حد سواء مقدراتنا بطريقة أو أخرى ،وهم
يطربوننا بأعذب الكلمات.
يقول دي لافونتين في حكايته إن
غرا ًبا وقف على غصن شجرة،
وفى منقاره قطعة من الجبن.