Page 211 - merit 46 oct 2022
P. 211

‫‪209‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫الإصلاحات يجب أن تكون‬              ‫انبثق في المجتمع العربي‬      ‫وفي هذه الفترة ظهر مصطلح‬
     ‫تدريجية‪ ،‬ودعا إلى تعلم‬          ‫(‪)Invisible Feminism‬‬                 ‫النّسوية ضمنيًّا‪ ،‬لدى‬
                                   ‫أي النسوية المتوارية‪ ،‬وهذا‬
    ‫العلوم الطبيعية‪ ،‬ورأى أن‬          ‫المصطلح ما ظهر دلائله‬           ‫مناضلات تحرير المرأة في‬
     ‫الإسلام متطابق مع هذه‬                                           ‫مصر‪« .‬حيث ظهر في العالم‬
 ‫العلوم‪ ،‬وحاول أي ًضا إصلاح‬            ‫في كتابات تلك المرحلة‪.‬‬       ‫العربي عام ‪ ،1909‬في كتاب‬
      ‫المدارس الدينية وتغيير‬        ‫وتليها مرحلة ظهرت فيها‬          ‫ملك حفني (باحثة البادية)‬
    ‫الاتجاه التقليدي إلى تعليم‬    ‫الجمعيات والمنظمات الأهلية‬
  ‫الاجتهاد الحر والعقلاني(‪.)7‬‬       ‫حيث المطالبات الاجتماعية‬              ‫بعنوان نسائيات‪ ،‬وفي‬
  ‫وكانت محاولاتهما للخروج‬          ‫بشكل منظم»(‪ .)6‬ففي عصر‬             ‫الفترة من ‪،1920 -1860‬‬
                                     ‫النهضة كان خطاب المرأة‬
       ‫من وطأة التقليد بكافة‬       ‫مره ًفا للخصوصية الثقافية‬       ‫ـــــــنصة القضاء‬
 ‫أشكاله وأنواعه وممارساته‪،‬‬
  ‫واستطاعا خلال مسيرتهما‬               ‫والدينية للعالم العربي‪،‬‬
‫أن يلتزما بالوسطية‪ ،‬ولكنهما‬         ‫ومع ذلك واجه هذا الطرح‬
                                   ‫رف ًضا كبي ًرا؛ فعلينا أن نعي‬
   ‫سلطا الضوء حول مواطن‬            ‫جي ًدا أن مجرد التحدث عن‬
    ‫التسلط والتبعية والهيمنة‬         ‫(حرية المرأة) خلال العقد‬
   ‫الذكورية التي كانت تظهر‬           ‫الماضي كان جنو ًنا‪ ،‬حتى‬
   ‫بشكل عام في قمع وإقصاء‬           ‫جاء رفاعة الطهطاوي رائد‬
  ‫المرأة وتجريدها من حقوقها‬         ‫مدرسة الاستنارة واليقظة‬
‫الطبيعية في التعليم والمشاركة‬      ‫والتنوير في مصر والشرق‬
    ‫في الحياة العامة‪ ،‬وأحدثت‬
 ‫أفكارهما ضجة كبيرة أماطت‬             ‫العربي والإسلامي‪ ،‬تلك‬
     ‫اللثام عن مجتمع كاد أن‬        ‫المدرسة التي تكونت بمصر‬
                                   ‫في النصف الأول من القرن‬
           ‫يسقط في الهاوية‪.‬‬        ‫الماضي‪ ،‬لنرى أن أول دعو ٍة‬
          ‫ب‪ -‬المرحلة الثانية‬       ‫لفك أسر المرأة المصرية من‬
   ‫وشهدت هذه الفترة تحكم‬          ‫القالب المُعد لها سل ًفا على يد‬
‫السيطرة الاستعمارية وتوسع‬         ‫شي ٍخ ُمعمم ُمستنير‪( :‬رفاعة‬
 ‫الإرسال للمدارس التبشيرية‬         ‫رافع الطهطاوي)‪ ،‬فقد لعب‬
     ‫وانتقال الفكر الغربي إلى‬
   ‫البلدان العربية‪ .‬ويمكن أن‬          ‫دو ًرا حاس ًما في مساندة‬
  ‫نقول إن هذه الفترة تميزت‬        ‫قضايا المرأة والدفاع عنها في‬
 ‫بالمطالبة بالمساواة في التعليم‬   ‫كتابه (المرشد الأمين للبنات‬
      ‫وفي الحقوق السياسية‬
   ‫والنيابية‪ ،‬الميراث‪ ،‬والمطالبة‬    ‫والبنين) ‪ ،1872‬و ُيعد أول‬
 ‫بإصلاحات قانونية في نظام‬            ‫كتاب عربي حديث ُيكتب‬
 ‫الأحوال الشخصية مثل منع‬
‫تعدد الزوجات‪ ،‬تقييد الطلاق‪..‬‬       ‫في التربية ويدعو إلى تعليم‬
    ‫إلخ‪« .‬ورأى العلماء أنه لا‬                        ‫البنات‪.‬‬
 ‫يصح الحكم على طبيعة المرأة‬
     ‫ومبلغ استعدادها للكمال‬         ‫ونجد محمد عبده قد اتفق‬
                                   ‫مع الطهطاوي في أن التعليم‬
                                    ‫من أهم الوسائل للحصول‬

                                       ‫على حداثة عربية‪ ،‬وأن‬
   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216