Page 206 - merit 46 oct 2022
P. 206
لا يخفى ما في كتابة مذكراتها من
شجاعة فهي بادرة من بوادر النهضة
النسوية في العصر الحديث ،فيها سردت
سيرة حياتها بضمير المتكلم وبجرأة
واضحة في المكاشفة والمواجهة مع
علمها بخطورة هذه المواجهة لا من
ناحية كشف المخبوء وإماطة اللثام عن
هدى شعراوي المستور فحسب وإنما من ناحية الخوف
من الذاكرة نفسها حين تغفر أو تنسى
تمتلك عن أبيها -الذي أرادت أو تتعصى أو تسترسل أي ًضا.
الدفاع عنه -أخبا ًرا أكيدة،
لذلك استعانت بالأقرباء النسوية في العصر الحديث، في دروب شائكة لم تطأها
فيها سردت سيرة حياتها قبلها امرأة على صعيد وطنها
والأصدقاء العارفين بأحوال بضمير المتكلم وبجرأة مصر أو على الصعيد العربي
أسرتها وأسرار والدها، واضحة في المكاشفة
وربما الشرقي ،متطلعة
مفندة التهم التي وجهت إليه. والمواجهة مع علمها بخطورة وواثقة أن هناك غ ًدا قريبًا،
وكثير من الحجج التي أدلت هذه المواجهة لا من ناحية فيه سيتحقق للمرأة المصرية
بها لا تخلو من شجاعة وهي والعربية التحرر وستحظى
تنفي ما روجه “بعض مدعي كشف المخبوء وإماطة اللثام بالتعليم مغادرة الهامشية
الوطنية الذين اتهموا والدي عن المستور فحسب وإنما
أنه ساعد على دخول الإنجليز ومواجهة الإقصاء.
من ناحية الخوف من الذاكرة ولقد تمتعت هدى شعراوي
نزو ًل على إرادة الخديوي نفسها حين تغفر أو تنسى
توفيق”(.)6 أو تتعصى أو تسترسل بالكثير من العزم على
أي ًضا. المواصلة مع الإصرار على
وإلى جانب جمعها المذكرات وقد افتتحت شعراوي
بالأخبار ،جمعت أي ًضا المبدأ حتى استطاعت أن
مذكراتها باسترجاع طفولتها تضع قضية المرأة العربية
السيرة الذاتية بالاعترافات وذكرياتها مع والدها الذي
مثل قولها“ :منذ البداية أريد فقدته وهي في الخامسة على طاولة النقاش أمام
أن أؤكد حقيقة ..إنني في هذه من عمرها ،لكنها شعرت أصحاب القرار.
أن الذاكرة تخونها وأنها
المذكرات لا أحاول أن أدلل ولا يخفى ما في كتابة
على وطنية أبي محمد سلطان تنسى كثي ًرا من الأحداث ولا مذكراتها من شجاعة فهي
باشا ..لقد قلت :إن أبي هو بادرة من بوادر النهضة
الذي ح َّذر منذ وقت مبكر
مما يمكن أن يحدث نتيجة
الاندفاع في مواقف متطرفة..