Page 205 - merit 46 oct 2022
P. 205

‫‪203‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫نبوية موسى‬  ‫عائشة التيمورية‬   ‫بول ريكور‬                         ‫سردي مشوق منتقية من‬
                                                                  ‫ذاكرتها أحدا ًثا وصو ًرا‬
‫لمذكراتها أداة مهمة في أرشفة‬    ‫بضمير المخاطب أو الغائب‪،‬‬
  ‫تاريخها النسوي‪ ،‬ممارسة‬          ‫وأخي ًرا الذاكرة المؤرشفة‬   ‫ترسخت ولم يطلها النسيان‬
    ‫دور المؤرخ الذي حرمت‬                                       ‫ووسمتها بأنها (مذكرات)‬
  ‫من أدائه على طول التاريخ‬     ‫وهي المولدة للتاريخ وتكون‬       ‫لتكون الرائدة في كتابة هذا‬
                  ‫البشري‪.‬‬      ‫مصحوبة بالشهادات “وهي‬          ‫اللون من السرد التاريخي‪.‬‬
  ‫ولأن لهدى شعراوي حياة‬                                         ‫والفعل الذاكراتي نوعان‪:‬‬
     ‫حافلة بالعطاء النسوي‪،‬‬        ‫أفضل ما نملك لنؤكد أن‬         ‫نمطي معتاد ورمزي غير‬
 ‫تركت صورة مش ِّرفة للمرأة‬        ‫شيئًا معينًا قد حدث وأن‬        ‫معتاد؛ فأما الأول فيمثله‬
  ‫العربية المتعلمة التي تشعر‬                                   ‫تذكرنا الأسماء والعناوين‬
 ‫بالإيثار والتضحية من أجل‬            ‫الشخص شاهد عمله‬           ‫وأرقام الهواتف واللقاءات‬
    ‫بنات جنسها المحرومات‪.‬‬                    ‫شخصيًّا”(‪.)5‬‬     ‫التي نحفظها عن ظهر قلب‪،‬‬
                                                             ‫وأما الثاني فيمثله تذكر المرء‬
‫وهي وإن كانت تتمتع برخاء‬      ‫وإذا كان هذا النوع هو الأكثر‬   ‫العالم الذي به تصبح ذاكرته‬
 ‫العيش وترف الحياة؛ إلا أن‬        ‫أهمية لأنه يجمع الغاية‪/‬‬    ‫متعولمة مدموغة بإعادة إنتاج‬
  ‫ذلك لم يمنعها من أن تقف‬
                                ‫التاريخ بالوسيلة‪ /‬السرد‪،‬‬                      ‫الماضي(‪.)3‬‬
    ‫في صف العموم النسوي‬       ‫فإن هذه الأهمية ستتضاعف‬          ‫وقد جمعت هدى شعراوي‬
    ‫المضطهد بحجب التحريم‬
    ‫والوصاية‪ ،‬والمحروم من‬       ‫إذا كان الفاعل الذي يتذكر‬          ‫في مذكراتها بين الفعل‬
     ‫أبسط حقوقه الإنسانية‪.‬‬    ‫(امرأة) بوصف المرأة هام ًشا‬        ‫الذاكراتي المعتاد والفعل‬
                              ‫لم يؤرشف له التاريخ العام؛‬        ‫الذاكراتي الرمزي مازجة‬
       ‫ولم يكن مشوار هدى‬                                     ‫معهما اليوميات والاعترافات‬
 ‫شعراوي ممه ًدا وهي تسير‬          ‫إلا حين تكون المرأة ذات‬
                                   ‫إنجاز إنساني كبير كأن‬                       ‫والسيرة‪.‬‬
                                  ‫تكون فارسة أو ملكة أو‬         ‫والذواكر على أنواع‪ ،‬منها‬
                                                                ‫الذاكرة الممرنة على حسن‬
                                           ‫شاعرة كبيرة‪.‬‬        ‫الاستعمال تجمي ًعا وإساءة‬
                                  ‫من هنا تغدو كتابة المرأة‬    ‫الاستعمال استذكا ًرا بمعنى‬
                                                                ‫أننا إذ “نتذكر شيئًا معينًا‬
                                                              ‫لا يعني فقط استقبال صور‬

                                                                   ‫من الماضي وتلقيها بل‬
                                                               ‫كذلك البحث عنها أي عمل‬
                                                              ‫شيء ما”(‪ )4‬وهناك الذاكرة‬
                                                             ‫الهشة وتتأتى هشاشتها من‬
                                                             ‫اللاتمرين على التذكر‪ .‬وهناك‬
                                                              ‫الذاكرة الملزمة على المستوى‬
                                                                ‫الأخلاقي السياسي حيث‬
                                                              ‫الذاكرة أمام واجب‪ ،‬وهناك‬
                                                               ‫الذاكرة الشخصية وتكون‬
                                                               ‫بحسب طبيعة الفرد المتكلم‬
                                                               ‫والذاكرة الجماعية وتكون‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210