Page 204 - merit 46 oct 2022
P. 204

‫العـدد ‪46‬‬                            ‫‪202‬‬

                                 ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬                      ‫واسترداد حقوقها‪ ،‬منادية‬
                                                                  ‫بتحررها منذ أواخر القرن‬
   ‫تدلل على ذكريات السنين‬                         ‫الشخصي‪.‬‬       ‫التاسع عشر إلى الربع الأول‬
  ‫محافظة عليها من النسيان‪.‬‬          ‫وممارسة هدى شعراوي‬          ‫من القرن العشرين‪ .‬وما كان‬
                                 ‫للكتابة السيرية أو المذكراتية‬      ‫لهدى شعراوي أن تكون‬
    ‫والخوف من النسيان هو‬             ‫ـ وهي ليست روائية ولا‬          ‫لها هذه الفاعلية النسوية‬
‫أحد دوافع تدوين الذكريات‪،‬‬         ‫شاعرة ـ إنما يدلل على أنها‬      ‫لولا الوعي الثقافي والدربة‬
                                 ‫كاتبة اتخذت من الثقافة هد ًفا‬
    ‫والبحث عن ذكرى يعني‬           ‫ومن السياسة با ًبا منه تنفذ‬        ‫السياسية‪ ،‬وهي القائلة‪:‬‬
‫النضال ضد النسيان وإطلاق‬          ‫النسوية إلى الواجهة فارضة‬           ‫“دخلت المرأة المصرية‬
                                  ‫وجودها على مسرح الحياة‪.‬‬
  ‫الذكريات يعني إنقاذها من‬        ‫ولوعيها بأهمية الدور الذي‬         ‫في الحياة العامة من باب‬
     ‫براثن النسيان‪ .‬وهو ما‬       ‫أدته وعموميته قامت بتدوينه‬                    ‫السياسة”(‪.)1‬‬
     ‫يدخل في باب ما يسميه‬        ‫كخبرة ذاكراتية متحصلة من‬
                                   ‫تراكمات جهدها الاجتماعي‬         ‫ومن مؤشرات ذلك الوعي‬
 ‫بول ريكور (فينومينولوجيا‬        ‫والسياسي ناقلة إياه للأجيال‬         ‫وتلك الدربة نجاحها في‬
    ‫الذاكرة) و”أننا إذ نتذكر‬        ‫النسوية القادمة كأنموذج‬         ‫تأسيس الاتحاد النسائي‬
   ‫شيئًا معينًا‪ ..‬علينا التمييز‬  ‫ثقافي ورأسمال رمزي للعطاء‬
     ‫داخل اللغة بين الذاكرة‬                                     ‫العربي ورئاسته أو ًل‪ ،‬وثانيًا‬
    ‫كاستهداف وبين الذكرى‬                     ‫النسوي بعدها‪.‬‬         ‫حنكتها في ممارسة العمل‬
   ‫كشيء مستهدف‪ ..‬وما إن‬          ‫وتتأتى أهمية كتابة المذكرات‬        ‫الحزبي بوصفها رئيسة‬
   ‫نميز في الذاكرة‪ /‬الذكرى‬                                        ‫لجنة حزب الوفد للسيدات‪،‬‬
                                     ‫من أهمية الذاكرة نفسها‬
‫بين الماضي والحاضر يصبح‬             ‫بوصفها مصد ًرا مه ًّما من‬   ‫وثالثًا مؤهلاتها الثقافية التي‬
 ‫التفكير ح ًّرا بأن يميز داخل‬      ‫مصادر التوثيق والتأرخة‪.‬‬        ‫مكنتها من صياغة البيانات‬
 ‫قلب فعل الذاكرة بين مسألة‬                                          ‫وإلقاء الخطب في المحافل‬
          ‫ماذا؟ وكيف؟”(‪.)2‬‬            ‫أما اللغة فتؤدي دورها‬           ‫الدولية كممثلة للنساء‬
‫ولقد كان فعل الزمان وحرية‬        ‫الوسيط في عمل هذه الذاكرة‬        ‫العربيات‪ ،‬وراب ًعا شعورها‬
 ‫التفكر واضحين في مذكرات‬                                                ‫العالي بأهمية تدوين‬
  ‫هدى شعراوي وهي تكتب‬               ‫إذ بها تخزن الأقوال التي‬        ‫مذكراتها التي بها وثقت‬
      ‫سيرة حياتها بأسلوب‬
                                                                ‫دورها النسوي الريادي الذي‬
                                                                   ‫ظلت تضطلع بتأديته على‬
                                                                       ‫طول مسيرة حياتها‪.‬‬

                                                                 ‫وإذا علمنا أن كتابة المذكرات‬
                                                                        ‫أمر لم تعهده النساء‬

                                                                      ‫العربيات إلا عند بعض‬
                                                                ‫الرائدات كما لم يعرف الغرب‬

                                                                  ‫كتابة المرأة لمذكراتها إلا في‬
                                                                 ‫عهد قريب في القرن التاسع‬
                                                                ‫عشر وأن الكاتبات الروائيات‬
                                                                 ‫هن أول من مارسنه؛ لعرفنا‬
                                                                 ‫المستوى الثقافي الرفيع الذي‬

                                                                    ‫تمتعت به هدى شعراوي‬
                                                                        ‫وهي تكتب تاريخها‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209