Page 208 - merit 46 oct 2022
P. 208

‫العـدد ‪46‬‬                            ‫‪206‬‬

                             ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬                      ‫كيان المرأة العربية‪“ ،‬بكيت‬
                                                                ‫على أشجاري وبكيت على‬
  ‫الذكريات مسجلة لديها في‬     ‫الذي فيه نشبت الحرب بين‬             ‫طفولتي ورأيت في تلك‬
   ‫دفتر يومياتها لذا تعمدت‬     ‫تركيا واليونان‪ ،‬الأمر الذي‬        ‫الحديقة الجدباء صورة‬
‫إدراجها في مذكراتها‪ ،‬وتبرر‬   ‫أوجب على المصريين مساعدة‬          ‫من الحياة التي سأعيشها‬
‫الدمج بأن ما يكتبه الإنسان‬                                       ‫منفصلة عن كل ما كان‬
  ‫من وحي اللحظة يكون له‬           ‫الأتراك‪ ،‬فنشطت الحياة‬          ‫يؤنسني ويسليني”(‪.)13‬‬
‫وقع آخر مختلف عما يدونه‬         ‫السياسية‪ ،‬واستغلت هدى‬
                             ‫شعراوي الاحتدام السياسي‬         ‫ومثلها فتيات كثيرات ذهبن‬
     ‫من ذكرياته فيما بعد‪..‬‬      ‫فخرجت إلى الحياة العامة‬       ‫ضحية ظلم الآباء والنتيجة‬
  ‫وتتحدث في يومياتها أي ًضا‬   ‫لتبدأ مرحلة جديدة في رحلة‬        ‫“تفضيل المادة على سعادة‬
  ‫عن الثورة والحرب وتبرع‬       ‫جهادها النسوي السياسي‬           ‫بناتهم ولذلك تنتهي حياة‬

    ‫النسوة بحليهن واعتقال‬         ‫المنظم‪ ،‬مفيدة من مكانة‬         ‫هؤلاء الفتيات بالموت أو‬
     ‫سعد زغلول واشتغالها‬        ‫زوجها علي الشعراوي في‬                      ‫السقوط”(‪.)14‬‬
 ‫بالحركة الوطنية عام ‪1919‬‬    ‫حزب الوفد‪ ،‬ومتأثرة بدعوات‬
  ‫وهو العام الذي شهد أول‬      ‫قاسم أمين في كتابه (تحرير‬        ‫ولها آراء تربوية متقدمة‪،‬‬
      ‫مظاهرة للسيدات ضد‬                                           ‫تعتمد فيها على خبرتها‬
                                   ‫المرأة) الذي تعده حجر‬
                  ‫الإنجليز‪.‬‬      ‫الأساس في بناء النهضة‬       ‫الشخصية‪ ،‬وبعضها تنطوي‬
      ‫وفي عام ‪ 1920‬رأست‬                                        ‫على أبعاد حضارية سابقة‬
  ‫هدى شعراوي لجنة الوفد‬                 ‫النسوية العربية‪.‬‬
     ‫للسيدات والتقت بسعد‬           ‫وكان أول عمل لها هو‬      ‫لعصرها‪ ،‬منها رأيها في أهمية‬
     ‫زغلول الذي كان آنذاك‬        ‫سعيها مع بعض النسوة‬            ‫مخالطة البنين للبنات في‬
     ‫بمنصب رئيس الوزراء‬          ‫الأرستقراطيات المتعلمات‬
   ‫وخاطبت الأزهر ومجلس‬         ‫نحو تشكيل جمعية لرعاية‬       ‫المدارس‪ ،‬إذ تقول‪“ :‬من كثرة‬
   ‫النواب والصحافة والرأي‬      ‫الأطفال ورابطة أدبية‪ ،‬لكن‬    ‫اختلاطي بالصبيان‪ ..‬تطبعت‬
                             ‫ما طلبه منهن أصحاب القرار‬       ‫بطباعهم وشببت عليها وهنا‬
                     ‫العام‪.‬‬        ‫من جلب شهادة حسن‬
      ‫ولعل الجزء الأكبر من‬       ‫سير وسلوك وأن يلبسن‬           ‫أقرر أن اختلاط الجنسين‬
    ‫مذكرات هدى شعراوي‬         ‫ز ًّيا خا ًّصا جعلهن يتراجعن‬      ‫منذ الصغر إن لم يكن له‬
                                 ‫“وكان من جراء ذلك أن‬       ‫تأثير حسن في تربية الأطفال‬
        ‫هو عبارة عن وثائق‬      ‫حاز الرجال وحدهم شرف‬              ‫فليس من ورائه الضرر‬
    ‫مكونة من بيانات مدنية‬    ‫تحقيق هذا المشروع الحيوي‬          ‫الذي يحدث من الاختلاط‬
 ‫ومقالات صحفية وحوارات‬       ‫العظيم الذي كانت المرأة أولى‬    ‫في أدوار المراهقة وما بعدها‬
                                ‫بالقيام به من الرجل”(‪.)16‬‬    ‫لأن اختلاط الأطفال يجعلهم‬
      ‫ومناقشات مع سلامة‬           ‫ومن أهم الذكريات التي‬         ‫يشبون على عدم الفوارق‬
   ‫موسى في جريدة الأهرام‬         ‫أثرت في مسيرتها لقاؤها‬        ‫وتربطهم الصداقة البريئة‬
                             ‫بمارجريت كليمان التي ألقت‬          ‫ومن كثرة تعود بعضهم‬
     ‫وجريدة التاج المصري‪،‬‬     ‫محاضرة عن المرأة الشرقية‬        ‫على بعض يصبحون كأنهم‬
    ‫وكتب رسمية وخطابات‬        ‫والغربية في مسالة الحجاب‪،‬‬
    ‫سياسية كانت تلقيها في‬      ‫فكانت أول محاضرة تلقى‬                         ‫أخوة”(‪.)15‬‬
‫مؤتمرات دولية منها خطبتها‬        ‫على جمع من السيدات في‬        ‫وبعد أن تأقلمت مع حياتها‬
  ‫في مؤتمر الاتحاد النسائي‬        ‫الجامعة المصرية ولاقت‬
 ‫الدولي في روما عام ‪،1923‬‬     ‫نجا ًحا وتقدي ًرا‪ .‬ولأن بعض‬       ‫الزوجية ورضخت للأمر‬
     ‫وبعد عودتها إلى مصر‬                                      ‫الواقع انصرفت بكليتها إلى‬
     ‫قررت تأسيس الاتحاد‬                                        ‫تربية ولديها وابتعدت عن‬
    ‫النسائي المصري وكانت‬                                    ‫الحياة العامة إلى العام ‪1895‬‬
   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213