Page 262 - merit 46 oct 2022
P. 262

‫العـدد ‪46‬‬                        ‫‪260‬‬

                                 ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬

  ‫التعقيد‪ ،‬وبنفس القوة هم كتاب‬        ‫العولمي‪ .‬بصراحة لا أؤمن‬      ‫رواية أمريكا اللاتينية منذ أواسط‬
              ‫ينتمون للإنسانية‪.‬‬     ‫برواية تتجاهل الخصوصية‬               ‫القرن العشرين بؤرة الأدب‬
                                 ‫الثقافية لمؤلفها وكأنها ُكتبت في‬        ‫المكتوب بالإسبانية‪ ،‬ولتنتج‬
 ‫في روايتك «طعم النوم»؛‬           ‫اللا مكان واللا زمن‪ ،‬فلا يمكن‬
 ‫ما الذي أغراك بالاشتباك‬           ‫للنص المصري أن يكون ن ًّصا‬         ‫المستعمرات السابقة لبريطانيا‬
                                 ‫ألمانيًّا وكأن الكاتب موجود على‬        ‫وفرنسا ألمع النماذج المكتوبة‬
   ‫مع روايتي «الجميلات‬           ‫“كرومة” تنزع الخلفية الخاصة‬         ‫بالإنجليزية والفرنسية‪ ،‬وليكون‬
    ‫النائمات» لياسوناري‬              ‫وتضع مكانها خلفية تصلح‬            ‫أشهر روائي في العالم اليوم‪،‬‬
                                  ‫للجميع‪ .‬والرواية بالتحديد فن‬        ‫“هاروكي موراكامي”‪ ،‬يابانيًّا‪.‬‬
       ‫كواباتا‪ ،‬و»ذكريات‬         ‫شديد الالتباس مع سياقه‪ ،‬دون‬           ‫بالعودة للرواية العربية‪ :‬اللغة‬
      ‫غانياتي الحزينات»‬              ‫أن تقف الخصوصية عائ ًقا‬            ‫العربية ظلت لقرون حاضن ًة‬
 ‫لجارسيا ماركيز؟ وأص ًل‬           ‫أمام إنسانية النص ووجوديته‬         ‫فنية للشعر‪ ،‬وعلى ما أنتجته من‬
   ‫كيف ترى إقدام ماركيز‬           ‫المتجاوزة للحدود‪ ،‬فهذه ثنائية‬     ‫سرد عظيم لكنه لا ينتمي لجنس‬
   ‫على كتابة فكرة كواباتا‬          ‫تافهة‪ .‬دوستويفسكي روسي‬          ‫الرواية الذي نشأ في كنف شروط‬
   ‫بعد أن قرأ مخطوطته؟‬               ‫حتى النخاع‪ ،‬وكازنتزاكيس‬         ‫لم يعرفها العرب‪ ،‬أبرزها دخول‬
 ‫هل ثمة مقامرة في الأمر؟‬            ‫يوناني‪ ،‬وماركيز كولومبي‪،‬‬       ‫عصر الصناعة الأوروبي وبالتالي‬
‫وهل –لو توفرت الفرصة‬                                                    ‫سطوع فرد الطبقة الوسطى‬
     ‫أمامك‪ -‬تفعل ما‬                           ‫وأوستر أمريكي؛‬       ‫الجائع إلى فن يمثله وقد استنفدت‬
   ‫فعله مع روائي‬                                ‫كل هؤلاء نقلوا‬          ‫الملحمة أغراضها‪ .‬حدث ذلك‬
       ‫من جيلك؟‬                                     ‫خصوصية‬             ‫في أوروبا فيما لا يزال العرب‬
                                                       ‫أمكنتهم‬        ‫يعيشون واقع ما قبل الحداثة‪،‬‬
‫هناك روايات تتمنى لو‬                                 ‫وأزمنتهم‬      ‫يسدرون في قيم الإقطاع‪ ،‬ويهيمن‬
‫كنت أنت كاتبها‪ ،‬وأخرى‬                           ‫وتاريخهم بكل‬        ‫الخطاب القبلي على صوت الفرد‪،‬‬
‫تستفزك كي تشتبك‬                                ‫شفراتها شديدة‬        ‫وهو ما كانت القصيدة العمودية‬
‫معها‪“ .‬الجميلات‬                                                    ‫تشبعه‪ ،‬منسجم ًة مع الإطار العام‬
‫النائمات” تنتمي‬                                                      ‫للثقافة‪ .‬من حسن الحظ أن الفن‬
                                                                     ‫قابل دائ ًما للاستزراع في التربة‬
                                                                       ‫التي لم ُتثمره‪ ،‬ذلك أن سؤاله‬
                                                                    ‫هو الإنسان‪ ..‬لكن بمعرفة شرط‬
                                                                         ‫التربة‪ ،‬وبالثقة في الحظوظ‪،‬‬
                                                                      ‫فليس شر ًطا أن الآخر قد أثمر‬
                                                                        ‫عنبًا في تربته كي تزرع أنت‬

                                                                         ‫عنبًا‪ ،‬فلا مانع من أن تثمر‬
                                                                                        ‫تربتك تينًا‪.‬‬

                                                                        ‫في تقديري‪ ،‬التطور الطبيعي‬
                                                                            ‫للسرد العربي يتمثل في‬

                                                                         ‫التفاته لاختبار خصوصيته‬
                                                                       ‫الثقافية بالتواشج مع اختبار‬
                                                                      ‫الحساسيات الجمالية الجديدة‬

                                                                         ‫التي يخلقها التفاعل الثقافي‬
   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267