Page 263 - merit 46 oct 2022
P. 263

‫‪261‬‬        ‫ثقافات وفنون‬

           ‫حوار‬

‫خيري شلبي‬  ‫جابرييل جارثيا ماركيز‬     ‫بول أوستر‬                              ‫للنوع الأول بالنسبة لماركيز‪،‬‬
                                                                            ‫لقد كان يتمنى بأنانية الكاتب‬
 ‫يسمح بإعادة مساءلته واختباره‬            ‫بنية ألف ليلة السردية‪ ،‬وجاء‬     ‫الطفولية لو كتبها هو‪ ،‬بينما كان‬
    ‫في تربة جديدة زمنيًّا ومكانيًّا‬         ‫التصدير نفسه من الليالي‪،‬‬       ‫الأمر بالنسبة لي مختل ًفا‪ ،‬حيث‬
                                                                         ‫رغب ُت في مجادلتها بح ٍس نقدي‪،‬‬
 ‫وجماليًّا‪ .‬كاواباتا لا ينتمي لجيل‬    ‫وصارت «الإسكندرية» المصرية‬          ‫رفقة رواية ماركيز التي جاءت‪،‬‬
   ‫ماركيز‪ ،‬الفارق العمري بينهما‬          ‫هي المكان‪ ،‬بمراوحتها الدالة‪،‬‬        ‫في تقديري‪ ،‬أقرب للمحاكاة‪.‬‬
                                                                             ‫بدأ الأمر من تساؤلي كقارئ‬
‫يقترب من الثلاثين عا ًما‪ ،‬والفارق‬     ‫فهي أي ًضا كانت دائ ًما في جدال‪،‬‬   ‫للروايتين‪ :‬أين صوت المرأة الذي‬
   ‫بين صدور الروايتين يتجاوز‬               ‫كروايتي‪ ،‬بين كونها أر ًضا‬        ‫نهضت الروايتان على شرفه؟‬
                 ‫الأربعين عا ًما‪.‬‬                                         ‫من هنا‪ ،‬وبشغف إبداعي بحت‪،‬‬
                                         ‫متصلة بالعالم وخصوصيتها‬
   ‫سمعت يوسف إدريس‬                                          ‫الثقافية‪.‬‬          ‫تمني ُت أن أكتب رواية عبر‬
‫يقول إن ماركيز هو الأكثر‬                                                    ‫الصوت الآخر‪ .‬الأمر اتخذ في‬
‫موهبة على الإطلاق في كل‬              ‫إجما ًل أنا مع المقامرة‪ ،‬ولا أخشى‬     ‫مرحل ٍة لاحقة بع ًدا أكثر تركيبًا‬
                                        ‫الخسارة‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬أرى‬          ‫حين قرر ُت ألا أخفي صوتي‬
 ‫تاريخ السرد في العالم‪..‬‬                ‫أن المقامر هو شخص يخوض‬             ‫النقدي أو الجانب النظري لدى‬
‫هل توافقه على هذا الرأي؟‬                                                  ‫المعالجة الفنية للروايتين م ًعا إذ‬
                                     ‫العالم بالأساس بوجدان الخاسر‪،‬‬        ‫اعتبرتهما رواية واحدة‪ .‬المخيف‬
     ‫أنا قرأت‪ ،‬بالمقابل‪ ،‬تصري ًحا‬    ‫وهو شيء شديد الشبه بما يفعله‬           ‫في «طعم النوم»‪ ،‬وهو ما أراه‬
    ‫ليوسف إدريس يقول فيه إن‬                                                  ‫مقامرتها الأخطر‪ ،‬ليس فقط‬
    ‫«مائة عام من العزلة» ‪-‬وهي‬             ‫الكاتب حين يقرر اللعب على‬          ‫تصديها لروايتين شهيرتين‬
    ‫أعظم روايات ماركيز‪ -‬رواية‬          ‫طاولة العالم مع كافة الرابحين‪،‬‬      ‫حصل كاتباهما على نوبل‪ ،‬لكن‬
 ‫مملة لم يستطع إكمالها‪ .‬بالنسبة‬                                              ‫أنها تنطلق من موقف نقدي‬
  ‫لي‪ ،‬ماركيز هو الروائي المفضل‬              ‫من الساسة لرجال الدين‪.‬‬       ‫تجاه هذين العملين‪ ،‬وأنت تعرف‬
      ‫والأكثر إلها ًما‪ ،‬لكن المواهب‬  ‫بالنسبة للشق الأخير من السؤال‪،‬‬       ‫النظرة الدونية لدى البعض منَّا‬
                                      ‫أعتقد أن المعارضة الروائية تتخذ‬      ‫تجاه موقف مثل هذا‪ ،‬حتى أن‬
                                                                         ‫أحد كبار النقاد وصمني في هذه‬
                                          ‫مغزاها من إعادة الاكتشاف‪،‬‬
                                          ‫ما يعني بالنسبة لي ضرورة‬                ‫الرواية بـ»النرجسية»‪.‬‬
                                           ‫مرور زمن على نص ما بما‬        ‫ولأن المعارضة لا بد وأن تنهض‬
                                                                        ‫من سؤال الثقافة التي تعالج عم ًل‬

                                                                           ‫ينتمي لثقافة أخرى‪ ،‬فقد كانت‬
                                                                        ‫«شهرزاد» سؤا ًل في روايتي‪ ،‬ذلك‬

                                                                            ‫أنها امرأة الثقافة العربية وقد‬
                                                                        ‫نطقت بين قطيع صامتات‪ ،‬وكذلك‬

                                                                            ‫بنية «ألف وليلة وليلة» كانت‬
                                                                           ‫طريقي للكتابة وفق شك ٍل نابع‬
                                                                           ‫من خصوصية السرد العربي‪،‬‬
                                                                        ‫ولذلك حضرت «شهرزاد» كبطلة‪،‬‬
                                                                           ‫وإن بملامح جديدة‪ ،‬وحضرت‬
   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268