Page 125 - merit 41- may 2022
P. 125
تد ُّل كلمة الأنا على ال َّذات، بشير السباعي صنع الله إبراهيم
وهي بالمعنى المباشر تد ُّل
على ال َّشخص بجميع لواحقه
وأعراضه ..أ َّما بالمعنى
الفلسفي فتد ُّل على جوهر
ال َّذات ،أي ما يبقى منها حين
نستثني الَّلواحق والأعراض..
وبالَّتالي يتح َّدد الأنا تب ًعا
لتص ُّور ماه َّية ال َّذات الإنسان َّية،
لهذا نجد أ َّن فلسفة الوعي
تح ِّدد الأنا بالوعي مثلما يقول
ديكارت
كل قلبه ،ولكن بسبب المنازعات السياسية القائمة التفرقة والعنصرية مع النصارى في التعامل المبهم
التي أودت بالكثير منهم قرر الهرب واللجوء إلى غير المفهوم ،والذي نال من كرامة فضل وظل
الآخر للاحتماء به في قوله« :كان يجب عليه أن
يتحرك في الصباح الباكر إلى منيل الروضة ،حيث يتساءل ،لماذا يعاملوننا كنصارى بهكذا أسلوب؟
سيسافرون م ًعا إلى ميناء الإسكندرية ،حيث تبحر «امش من هنا يا نصراني ،ما بقي إلا النصارى
السفن إلى مرسيليا .لم تودعه محبوبة ،ظلت في يركبون الخيل! عدت ليلتها إلى كنيستي في مصر
فراشها بينما هو يجمع أشياءه ،رفضت حتى أن القديمة ،وقفت أمام أيقونة القديس تادرس التي
تقبِّله أو تحتضنه ،ترجاها كثي ًرا تنهض من فراشها كان راكبًا فيها على حصانه وبكيت ،وطلبت منه أن
يتشفع لي أن أصبح يو ًما ما قائ ًدا للجيوش ،عظي ًما
بينما هو يجمع أشياءه ،كان قلبها يحدثها أنه
الغياب الأبدي ،غياب يشبه الموت الذي لا تستطيع مثله»(.)7
أن تمنعه؛ ولكنه مارس سطوته القدرية قبل أوانه لم يتوقف الاستقطاب عن الأنا الداخلية المتمثلة
في التفرقة العنصرية بين الأديان؛ ولكنها طالت
بيدي فضل الله ،جف بداخلها فيضانها نحوه، الاستقطاب الجسدي قبل الفكري في هجرة بعض
ولم يعد به حتى قطرة ماء واحدة لتمرر بها لحظة النصارى لبلادهم طلبًا للنصرة والمعاملة الآدمية
الوداع المناسبة لزوجة تودع زوجها ،لحظة الوداع مثلما ذكروا وتمنوا ،وذلك في ذهابهم مع الحملة
الفرنسية حين عادوا جنود الاحتلال إلى ديارهم،
اللائقة بكل هذا العشق الذي كان»(.)9 كما ذكر الراوي في قوله« :لن أبقى في بلد يقولون
لم تكن راضية محبوبة عن هذا الفراق وبل كانت لي فيه« :انزل من على البغلة يا نصراني» انتظريني
متأكدة بأنه الفراق الأبدي الذي لا عودة بعده أب ًدا
وذلك ما صوره الراوي« :وجهها كان كتمثال من يا محبوبة سأعود ،من المؤكد أن الفرنساوية
سيعودون ،سيجهزون أنفسهم بشكل أفضل،
الجرانيت الأسود ،لا ينبض أي شيء فيه بأي وسيعودون ،وسأعود معهم لنهزم المماليك»(.)8
إشارات الحياة ،سوى نظرة عين صارمة تلفظه من وقرر فضل هجرة بلاده التي عاش بها وأحبها من
بيتها وحياتها ووطنها ،كما لفظها هو .ومع سماع