Page 126 - merit 41- may 2022
P. 126

‫العـدد ‪41‬‬          ‫‪124‬‬

                                                  ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

                                                     ‫صوت المزلاج وهو يغلق الباب خلفه‪ ،‬بد ًل من أن‬
                                                       ‫تنفجر في نوبة البكاء المكتومة داخلها‪ ،‬تحولت‬

                                                     ‫محبوبة إلى جسد شاحب شديد البرودة متجمد‪،‬‬
                                                    ‫كمن تنسحب منه الروح»(‪ .)10‬تحولت محبوبة إلى‬
                                                  ‫جماد لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم‪ ،‬حتى أنها عجزت‬
                                                   ‫عن الحركة والكلام في توديع زوجها‪ ،‬وهذا العجز‬
                                                   ‫تأتى لها من إحساسها الداخلي الصادق الذي يؤكد‬

                                                                   ‫لها عدم عودة فضل مرة أخرى‪.‬‬
                                                    ‫وقرر فضل الرحيل‪ ،‬ولم يتوان في أخذ هذا القرار‬
                                                  ‫في العودة عنه؛ ولكنه استمر وأكمل مسيرة الرحيل‬
                                                     ‫مع جنود الاحتلال كما أكد الراوي في قوله‪« :‬في‬

                                                        ‫خلال خمسة عشر يو ًما تجمع الفرنسوية في‬
                                                       ‫الروضة والجيزة‪ ،‬وكان معهم الجنرال يعقوب‬

                                                           ‫وأقاربه‪ ،‬وكان معه حوالي مائة من اتباعه‪،‬‬
                                                      ‫ومن الشوام نفر كثير منهم برطلمين‪ ،‬ويوسف‬
                                                     ‫الحموي‪ ،‬وحتى عبد العال أغا الإنكشارية‪ ،‬ولكن‬
                                                     ‫فضلت الأغلبية البقاء‪ ،‬فقد كان الانطباع الأقوى‬

                                                         ‫عند الجميع أن الفرنسيين هزموا‪ ،‬وأنهم لن‬
                                                        ‫يعودوا‪ ،‬وأن يعقوب ينجو بنفسه‪ ،‬استسلموا‬
                                                   ‫للهزيمة وقرروا الاستفادة من وعد العثمانيين»(‪.)11‬‬
                                                     ‫استقطاب الآخر للأنا أدى إلى انشقاق الناس على‬
                                                      ‫نفسها‪ ،‬ففريق آثر الرحيل وترك كل ما هو غال‬
                                                  ‫ونفيس دون الاهتمام بأي رابط يربطه بهذا الوطن‪،‬‬

                                                          ‫وفريق آثر البقاء ظنًّا منهم في العفو عنهم‪.‬‬

                                                             ‫المكان‬

‫بالغة»(‪ .)12‬انتقل فضل من مكان إلى مكان آخر‪ ،‬وبدأ‬  ‫مثَّل المكان بطل الأحداث‪ ،‬حيث إنه تنوع بين أكثر‬
‫يتقبل تغير المناخ والشكل الخاص بالمكان‪ ،‬مما أدى‬      ‫من منطقة جغرافية يحدها إطار مكاني وحدود‬
                                                     ‫زمانية في آن واحد‪ .‬ما أدى إلى تنوع المكان في‬
  ‫إلى أنه انتقل إلى فرنسا بكل طقوسها المختلفة عن‬
                                        ‫الشرق‪.‬‬    ‫الرواية بشكل واضح بين مصر وفرنسا وبالتالي‬
                                                  ‫فلكل دولة مناخها الجغرافي المتحكم بها‪ ،‬وعاداتها‬
  ‫وأخد التنوع المكاني في الظهور بعد عودة الجنود‬
   ‫إلى موطنهم ومعهم جين (سعيدة) عندما ذكرت‬              ‫الغالبة على أهلها‪ .‬وهذا ما وضح في أحداث‬
  ‫ذلك في قولها‪« :‬عندما وصلت جين إلى بيتها الذي‬    ‫الرواية في قول الراوي‪« :‬تغيرت الرياح فقادتنا إلى‬
                                                  ‫شواطىء صقلية‪ ،‬ثم هدأت تما ًما وتركتنا في خطر‬
                                                  ‫محدق‪ ،‬حتى أنها جرفتنا في اتجاه الشاطىء وفقد‬

                                                    ‫البحارة صوابهم‪ ،‬واستشاروا دليلهم‪ ،‬ولم يكن‬
                                                   ‫أمامهم إلا محاولة أن يرسوا في مرفأ‪ ،‬على الرغم‬
                                                  ‫من أنه غير آمن‪ ،‬إلا أنهم تمكنوا من ذلك بصعوبة‬
   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131