Page 127 - merit 41- may 2022
P. 127

‫نون النسوة ‪1 2 5‬‬                                         ‫وجدته مهجو ًرا‪ ،‬تذكرته جي ًدا‪ ،‬هو بيتها المبني‬
                                                       ‫بالمتاح من أنصاف سيقان الشجر‪ ،‬وحجر مق َّطع‬
‫هذا المنزل بل في كل ركن من أركانه‪ .‬وبدأ في التنقل‬    ‫بشكل عشوائي‪ ،‬وطوب لبن‪ ،‬ها هي الزريبة الملحقة‬
     ‫من مكان إلى مكان آخر‪ ،‬وكل مكان له طقوسه‬         ‫بالبيت‪ ،‬والحمام الخارجي‪ ،‬حتى السلم المتكىء على‬
                                                       ‫أحد الحوائط موجود‪ ،‬ولكن لا توجد أكوام القش‬
‫الخاصة به‪ ،‬فانتقل من مرسيليا إلى باريس «لم يكن‬        ‫أمام البيت»(‪ُ .)13‬يعد هذا الوصف التفصيلي للمكان‬
    ‫الأمر سه ًل انتقلت من مرسيليا إلى باريس»(‪.)14‬‬    ‫سر ًدا مف َّص ًل بدقة‪ُ ،‬يشعر القاريء وكأنه عاش في‬
      ‫وأخذ هذا التنوع الجغرافي يسيطر على أحداث‬
                  ‫الرواية من البداية حتى النهاية‪.‬‬
   ‫ولكنه قرر أخي ًرا أن يستقر في سان أنطوان كما‬

‫عبر عن ذلك في قوله‪« :‬في سان أنطوان بدأت الحياة‬
   ‫بشكلها المستقر‪ ،‬وبدأت مرحلة أخرى‪ ،‬كانت عدة‬
    ‫أشهر قضتيها في باريس وغيرها من المدن التي‬
    ‫تحركت بها ككومبنيناج‪ ،‬كفيلة بأن أرى الوجه‬

 ‫الخفي لتلك البلاد‪ ،‬هذا الوجه الذي لا يمكن تخيله‪،‬‬
     ‫وأنت في القاهرة تسمع عن عظمة الجمهورية‪،‬‬

   ‫فقد امتلأت بالمتسولين والمشردين‪ ،‬بكل ضروب‬
  ‫النفوس العتيدة الكريهة القذرة المتوحشة الحثالة‪،‬‬
‫أ َّما في الطبقات العليا فكان انتشار القمار والفوضى‬

     ‫الجنسية‪ ،‬هذا السلوك الذي متصو ًرا أن سببه‬
    ‫الإلحاد الذي تفشى في هذه البلاد»(‪ .)15‬كان من‬
 ‫الضروري أن يكتشف الغرب على حقيقته (الآخر)‪،‬‬
   ‫وجاء هذا الاكتشاف عن قرب؛ فمهما كان الغرب‬
   ‫(الآخر) قاد ًرا على الخداع‪ ،‬إلا أنه بدأ يكشف على‬
    ‫حقيقته‪ ،‬ولكنه اكتشف هذا في وقت متأخر كان‬
   ‫قد ضحى بكل حياته بزوجته وابنه الذي لا يعلم‬
‫بوجوده وببلده الذي ظن أنها تهينه وأن لا حياة له‬

                                          ‫فيها‪.‬‬

             ‫الشخصيات‬

  ‫تعددت الشخصيات وتنوعت في أحداث الرواية ما‬
 ‫بين شخصيات عربية مصرية (الأنا) وشخصيات‬
  ‫غربية فرنسية (الآخر)‪ ،‬وهذا ما أكد عليه الراوي‬
 ‫في شخصية فضل البطل الرئيسي للرواية في قوله‬
 ‫على لسان فضل‪« :‬كان إيماني الذي ترسخ بداخلي‬
 ‫أن اسمي هو تميمتي الكبرى‪ ،‬كيف لا وأنا أعلم ما‬
  ‫قاله أحد الآباء الأوائل‪« :‬حيثما يكون رمز الفضل‬
  ‫خاتم الصليب‪ ،‬لا يكون لشر الشيطان القدرة على‬
 ‫الإيذاء‪ ،‬يتأكد إيماني بذلك يوما بعد يوم»‪ )16(.‬بدأت‬
  ‫الرواية بشخصية البطل الرئيسي لمجمل الأحداث‬
  ‫وهي شخصية (فضل) المحارب الجريء الشجاع‪.‬‬
   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132