Page 124 - merit 41- may 2022
P. 124
العـدد 41 122
مايو ٢٠٢2
ترفضها الأنا العليا»(.)4 التي آلت أقدراهم إليها في هذا المفصل التاريخي بعد
وتمثلت الأنا في أحداث الرواية في شخصية فضل قيام الثورة الفرنسية ..لذلك سنتوقف أمام تعريف
الله ومحبوبة زوجته وشخصيات الرواية المتمثلة في
الأحداث ،في حين تقابل الآخر في صورة الاحتلال الأنا كما ذكرها الباحثين.
الفرنسي بكل ما فيه .بداية من حكم المماليك إلى
مفهوم الأنا
العثمانيين إلى صورة الآخر المتمثلة في الاحتلال
الفرنسي ،وظهرت هذه الصورة واضحة جلية تد ُّل كلمة الأنا على ال َّذات ،وهي بالمعنى المباشر تد ُّل
في قول الراوي« :هاجت فحول الجاموس التي على ال َّشخص بجميع لواحقه وأعراضه ..أ َّما بالمعنى
أخرجها يعقوب من معاصره ومعاصر غيره للزيت
والسيرج ،وحصرها بين قوتين من العسكر ،عندما الفلسفي فتد ُّل على جوهر ال َّذات ،أي ما يبقى منها
تم رشق أجسامها بأسنة الرماح تزاحمت وتدافعت حين نستثني اللَّواحق والأعراض ..وبالتَّالي يتح َّدد
الأنا تب ًعا لتص ُّور ماهيَّة ال َّذات الإنسانيَّة ،لهذا نجد
على البوابة ،تزحزحت الأحجار التي وضعها
الثائرون الذين هجموا على شارع القبيلة وسوق أ َّن فلسفة الوعي تح ِّدد الأنا بالوعي مثلما يقول
ديكارت« :النَّفس التي أنا بها ما أنا» ،أي أ َّن إ ِّنيَّته
النصارى من نقطة كانت مهملة ،ودخلوا درب
الجنينة ،أغلق الثائرون البوابة ووضعوا وراءها تكمن في النَّفس ،أو في الأنا المف ِّكر .وتحيل الأنا
أحجا ًرا ،انفتحت البوابة بتدافع فحول الجاموس، أي ًضا إلى حامل التَّم ُّثلات ..ومثلما ذهب إلى ذلك
فدخل (العسكر الفرنسوية) وقبضوا على الثائرين.. إيمانويل كانت ،فقد ع َّد الأنا يمثِّل شرط الوحدة
وهكذا نجا نصارى الأزبكية من مذبحة مؤكدة، والتَّأليف بين الحدوس والإدراكات في الوعي،
بفضل تلك الطريقة التي لم تكن لتخطر على بال أحد يقول كانت« :إ َّن الأنا المف ِّكر يرافق بال َّضرورة ك َّل
تم ُّثلاتي» .وفي علم النَّفس التَّحليلي الأنا هو منطقة
سوى يعقوب!»(.)5 من الجهاز النفسي للشخص ،بل لكل شخص
تؤكد طريقة الاحتلال أو استراتيجية الأداء التي
كانوا يفعلونها في المحتلين من الناس من جميع أي ًضا.
الفئات المحتلة سواء المماليك أو المسلمين أو حتى أ َّما الأنا كما وصفها فرويد فهي «شخصية المرء
في أكثر حالاتها اعتدا ًل بين الهو والأنا العليا ،حيث
النصارى؛ أن نهج الاحتلال قائم وما زال كما تقبل بعض التصرفات من هذا وذاك ،وتربطها بقيم
هو له هدفه المستقل ألا وهو المصلحة الشخصية المجتمع وقواعده ،حيث من الممكن للأنا أن تقوم
المبتغاة من وراء الاحتلال ،وهي احتلال العقول بإشباع بعض الغرائز التي يطلبها الهو (الآخر)،
قبل احتلال الأرض ،وهذا ما تركز عليه سياسة
ولكن في صورة متحضرة يتقبلها المجتمع ولا
الاحتلال حتى يستطيع السيطرة على الشعوب
المحتلة بكل حرفية ومهارة ،ويتحكم فيها مثلما
تحكم الاحتلال الفرنسي في شخصيات الرواية على
حد سواء ،مما أدى إلى استقطابهم إلى العودة مع
قوات الاحتلال إلى فرنسا ،ولهذا استقطب عقولهم
قبل أن يستقطب أفكارهم وأجسادهم ،وظهر ذلك
جليًّا في قول الرواي« :كانت أحداث القتل والتنكيل
من الأهالي بنصارى الرملة ،وبين السورين
والأزبكية ،صراخ النساء وعويلهن ،الرؤوس
النصرانية المعبأة في الأجولة كأنها ثمار قطفت هدية
لعثمان كتخذا ،تمر في ذهني تهاتفني وتطالبني بأن
أدافع عن حقها المهدر ودمائها المغدورة»( .)6وتظهر