Page 266 - merit 41- may 2022
P. 266
أحلامه ولا أجابت على تساؤلاته كنت بين النص والآخر أتعرف على
الغارقة بالأسى ،ليطلق في الهواء شخصية جديدة وألم من منطلق لا
يشبه الذي قبله سوى باستمراره،
صيحة عبثية: فكانت الطريق صوب النهاية مدببة،
أغيثوني من عطشي ليس بحيرتي فحسب وإنما بالمخاطر،
فأنا الحري ُق ،لا هو. حيث توجب عل َّي الحذر الذي فقدته
سأتر ُك اتهاما ٍت ُمبلل ًة منذ القصيدة الأولى ،التي بدأت ملتهبة
بأوجاعه سر ًدا عندما تحرر قسًرا عن
بتبعية قافية قيدت مسيرته بأغلالها من خوف،
بخنوع،
وبأمجا ٍد زائل ٍة حيرة ،رعب واستياء وفراغ!
تتراق ُص على أكتاف ال َمناج ِل.
هنا بدأ ُت أرسم صورة إنسان تشكيلها والألم مجد ًدا قاب شعر ،صادر عام ،2021عن دار
منهك ،وتحت كلمة إنسان قوسيها ،فقال: فضاءات للنشر والتوزيع ،في
وضعت ألف خط ،فكانت رسالته
النبيلة قد صارت في متناول «ما يقه ُر الرو َح يا أبي :غري ٌب الأردن» ،مولوده الأول .تساءلت
الروح .وما أقدر المرء المثقف ي َرانا ِكبا ًرا ،وقري ٌب َيرانا مرا ًرا َمن يكون إدريس؟! ما
على كتابة الرسائل ،بل وكتابة
الدواوين الشعرية والروايات ِصغا ًرا ..هو وج ُه العدال ِة القبيح». حاجته بالجحيم في الدنيا؟! ول َم
وجل الأصناف الأدبية التي لها كنت بين النص والآخر أتعرف أصر على إحيائه؟!
أن تكون خالدة أي ًضا .ولكن ق َّل على شخصية جديدة وألم من
َمن غدا حقيقيًّا ،يكتب بروحه منطلق لا يشبه الذي قبله سوى وما حول فضولي إلى دهشة هو
(وبصدق) ،وأؤكد على هذه افتقار الديوان إلى إهداء ،حيث
القيمة التي غدونا نحتاجها في باستمراره ،فكانت الطريق صوب اكتفى إدريس بنصف كلمة؛
العوالم الأدبية والفنية المختلفة، النهاية مدببة ،ليس بحيرتي كأنه يمهد لانتفاضة شعرية،
بل وفي شتى مجالات حياتنا فحسب وإنما بالمخاطر ،حيث وحرب تتقطع فيها أنفاسنا،
في عصر الحروب والأوبئة توجب عليَّ الحذر الذي فقدته بينما نخوض معه رحلة شاقة
والكوارث الطبيعية منها وأي ًضا مع الشعور الخام من القصيدة
المفتعلة .في زمن التكنولوجيا منذ القصيدة الأولى ،التي بدأت
والكلمة سهلة التناول والانتشار، ملتهبة بأوجاعه سر ًدا عندما الأولى وحتى العشرين والأخيرة،
تلك التي لم نعد نستطيع تمييز تحرر قس ًرا عن قافية قيدت وبين الصرخة والألف بين
صدقها من زيفها. مسيرته بأغلالها من خوف، السطور ،والندبة وأختها في
حارب إدريس سالم بمنطق الحواشي والهوامش.
وفكر سليم وعذب وليس فقط حيرة ،رعب واستياء وفراغ جعله
بشعوره ،حتى الصفحة الأخيرة، يتخبط متمر ًدا وصار ًخا في سماء اختتم كلمته الناقصة ،حيث شاء
وجاهد ليكون المنبع الأمين لها نص ًفا وحي ًدا بقول وجهه
والمصدر الموثوق .إ ًذا عن أي المعنى ،يشهر سلاحه في صدر
حقيقة مجردة جاء ليخبرنا، الدنيا بازدرائها التي ما أنصفت لأبيه ،كانت الحقيقة هي حروف
ليزيل غشاوة أعيننا وأحيا ًنا ليقفأ
عينًا لم تعد صالحة للرؤية؟!
عن أنفسنا أو ًل ،عن الظلمة