Page 270 - merit 41- may 2022
P. 270
السياسة وتجلياتها ،وبين العـدد 41 268
السياسة كطريقة ُم َنظمة للعيش
مايو ٢٠٢2 الآراء المكرسة وكسر سياج
ضمن محددات خاصة تتجلى المقولات المكرورة التي سادت
بواسطتها مقولات متمايزة ،قد الأقدر على إعادة تمثيل هذه منذ سنوات عديدة عن جنس
تقترب وتتفاوض ،وقد تختلف المهمة في أحسن وجه. الرواية ،وتحدي ًدا داخل الدرس
وتتعارض .لهذا لا يمكن للكاتب
والمبدع والفنان والمثقف التخلي لهذا فإن هذا الانتصار هو الذي النقدي الأكاديمي.
نهائيًّا عن موضوع السياسة، كان سببًا أساسيًّا في جعل ومن أهم آرائه ما تعلق بمقولة
أن الرواية قد حق لها أن تكون
وليس بالضرورة أن يكون الرواية الجزائرية -مثلا -عند
ممار ًسا لها من قريب أو من الجيل الجديد تؤمن برفض مملكة هذا العصر بامتياز ،بل
مقولة «البطل النموذج»، هي سيدة هذا العالم ،ويعود
بعيد. سبب هذه السيادة إلى كون
ويرى الفرنسي جاك رونسير وتتجاوزها إلى وضعية التعبير الرواية قد تمكنت من تجاوز
أن الأدب ليس وسيلة تسهل عن اليومي والمعيش والهامش كثير من العثرات والعراقيل التي
والمهمش على ح ّد سواء .وهو ما واجهتها طيلة مسارها التطوري،
للمبدعين طرح مواقفهم يبينه حميد عبد القادر في قوله: ولم تستسلم أو تفسح المجال
السياسية ،بل إن للأدب شك ًل «رفض هؤلاء الكتاب التصرف واس ًعا لأجناس أدبية أخرى
من أشكال السياسة خا ًّصا به، بشكل بطولي ،ولم يبدوا أب ًدا أي رغم المزاحمة المستمرة من قبل
وهو ما يجعله يقترح مصطلح رغبة في تقليد برومتيوس حتى
«سياسة الأدب» ويعني بذلك أن يسرقوا النار .فقط أن يكتبوا الشعر.
الأدب يمارس السياسة بوصفه وهم باقون في الساحة رافضين والرواية عند حميد عبد القادر
الصعود إلى الأولمب مدججين ليست فنًّا منحا ًزا ،بل هي ذات
أد ًبا. روح ديمقراطية ،لأن لها القدرة
ويثير الكاتب أي ًضا نقا ًشا بالبطولة .لقد نقل هؤلاء على نقد وتجاوز الراهن نحو
حول قضية العلاقة بين الشعر الروائيون الجدد البطولة من تصور آفاق واسعة ومختلفة
والرواية ،حين يرى أنه لا وجود الروائي البطل إلى بشر عاديين،
لما يسمى عند بعض المثقفين بطولتهم الوحيدة البقاء في الحياة ومساحات واسعة ورحبة،
بحرب الرواية ضد الشعر ،وأن والتشبث بها وسط القسوة وتقديم أصوات أخرى مغايرة
ذلك يرجع إلى تصور خاطئ. للسائد .لهذا فهي النوع الأدبي
وقد استحضر موقف الرواية والمعاناة» ص.14
عند الغرب من الشعر ،قائ ًل: أما في علاقة الرواية بالسياسة الأكثر انتصا ًرا للإنسان.
«أعتقد أن الرواية الغربية، ولا يعني هذا الانتصار أن
وهي تضع الشعر تحت إبطها، فقد حاول الباحث أن يناقش
تصرفت بحكمة ،ورؤية ،وبروح بعض المقولات الرائجة عن هذه الأجناس الأدبية الأخرى
إنسانية ،لم تتصرف وفق روح العلاقة المثيرة ،إذ كيف لخطاب -لاسيما الشعر -قد خذلت
رؤوفة إلى درجة أن نجاح كل جمالي يهدف إلى أن يكون بروح الإنسان ،بل إن الرواية قد
رواية أصبح مرتب ًطا بمدى ديمقراطية أن ينخرط في ممارسة وجدت في الإنسان على مر
وجود لغة شاعرية بين ثناياها» السياسة .هذه الأخيرة التي يرى العصور والمراحل نواة فاعلة
الكاتب أنها إذا ما خالطت الأدب
ص.34 تسهم في تشكيل معالمها
إن كل صراع بين الشعر فهي بمثابة طلقة نارية تعكر وروحها ،ومن جهة أخرى يبدو
والرواية هو صراع مفتعل، صفو عزف موسيقي .غير أنه
لأنهما قد يختلفان في المنظور يواصل حديثه مبيِّنًا أن المبدع أن الإنسان هو الذي عثر في
لا يمكنه أن يتخفف نهائيًّا من الرواية عن متنفسه ومخرجه
موضوع السياسة أثناء ممارسته
باعتبارها الجنس الأدبي
للكتابية الروائية. الأكثر مقاومة لتحديات العصر
يجب أن نفرق بين ممارسة ومتغيرات الزمان والمكان ،وهي
الحكم باعتباره أحد صور