Page 273 - merit 41- may 2022
P. 273
271 ثقافات وفنون
كتب
ودفء البيت ولا تكاب ُد الوحدة العفوية والكثافة اللغوية ولعبة هذه القصة هو إيقاعها المتحول
في المستشفى بخلاف ما عاشته الإبانة عن المفارقات الحياتية
الأديبة من المرارة ،حي ُث خذلها الذي ينزلها في الصنف الغرائبي.
الأهل والأصدقاء .ولا تختت ُم هذه بصياغة خفيفة تخد ُم التسلسل
خصو ًصا في المفصل الذي الانسيابي في حركة السرد،
القصة إلا وتعو ُد شخصياتها تكتس ُب فيه مي القدرة على وتقطع الطري َق على غواية
إلى مواقعها السابقة ،وتنوب النطق إذ تتفاج ُأ الراوية بأ َّن
لغة الإشارة لدى مي عن الكلام الإسهاب والتفصيل في وصف أختها تنادي باسمها ،وهذا وجه
للتواصل مع أهلها .لا تغاد ُر المكونات السردية ،إذ يقوم معمار من الحدث ،أما الوجه الأغرب
القصة الثانية «فادارأتم فيها» القصة على اقتناص الومضات
التي تقي ُم عتبتها علاقة تناصية منه فيكم ُن في غياب القدرة
مع القول القرآني موحية بأجواء على التواصل الكلامي بين الأم المحالة إلى الأبعاد الجديدة في
درامية في بنيتها أنطقة غرائبية،
إذ تعل ُن الراوية في مستهل الجملة والأخت الكبيرة ،وتفه ُم مما تنقله المشاهد المألوفة .أرادت لطيفة
السردية عن قيامها بإخفاء الراوية أن الأ َّم ترى بأ َّن السبب تعدين مادتها القصصية بنا ًء
صور الأ ِم متوهمة بأ َّنها ترس ُل وراء التعثر في الكلام هو ارتداء على التقاط هباء الأيام التي قد
بنظرات معاتبة ،ويضم ُر هذا
التصر ُف ما يكو ُن مدار القصة الكمامة ،كأ َّن الوباء قد قل َب عاشها العالم بروحية دموقليسية
إضافة إلى أ َّن اسناد وظيفة فاعلة المشهد وب َّد َل في الأدوار ،يحي ُل مدج ًجا بالكمامة وقد تكو ُن الثيمة
إلى الصور يكش ُف عن تنوع هذا النص إلى شخصية أدبية قد
الأدوات السردية في علبة الكاتبة. عانت من قساوة المجتمع والأهل المشترك ُة في القصص تتطل ُب
تستم ُر الراوية في نقل ما تتخيله وهي مي زيادة ،ومن نافل القو ُل الابتعاد عن المناورات البلاغية
عن تبدل سحنة الأم ،وتبدو لها والمجاز ،لذا تضعك الكاتب ُة
أكثر قسو ًة لدرجة كأن المقيمة مباشرة في قلب المعترك الوبائي بأ َّن ثم َة مقصدية في إطلاق هذه
في الصورة تبصق على ابنتها، وما يتبع ُه من الخوف والملل .ففي التسمية على تلك الشخصية
تغل ُب أنفاس كابوسية في أجواء القصة الأولى المعنونة بـ”إيماءة” القصصية .وذلك يتض ُح
هذه القصة وينش ُب صراع بين تراه ُن الكاتب ُة على عنصر المفارقة من الحوار المتبادل بين الأم
الراوية وأخيها بشأن وفاة الأم والساردة ،إذ ترى الأخيرة بأ َّن واللامتوقع لاستقطاب المتلقي
إثر اصابتها بالوباء محرومة من والدفع به لمتابعة الحلقات المتتالية .ما يجمع بين أختها ومي زيادة
النظرة الحانية .عليه ما انفكت ليس الاسم فحسب ،إنما قدرهما تتكف ُل الراوية المتكلمة بضمير
المناكفة بين الاثنتين تشت ُد وترافق
أصوات أخرى أصداء النقاش المتكلم بسرد حياة مي واصف ًة واح ٌد أي ًضا ،فيما الأم ترف ُض هذه
المحتدم لدى شخصيتين ،وهذا إياها بكائن مختلف ،ويكو ُن هذا المقارنة لأ َّن ابنتها تحظى بالحب
يؤك ُد على أن الجائحة تخلِّ ُف الموقف أش َّد مضاض ًة على نفسية
شر ًخا على المستوى الاجتماعي الأب خصو ًصا بعد فشل الأطباء
في تشخيص أسباب العطب في
وتفك ًكا في أواصر أُسرية.
تستفي ُد لبصير من تقنية الحلم جسد الأخت الصغيرة التي كان
ميلادها مصد َر المسر ِة بالنسبة
لإضاءة البعد النفسي وفتح للعائلة ،إذ شاركت الأم الفرحة
المجال بوجه القراءة الرمزية،
فرؤية الأم في المنام وهي عارية مع ابنتها الكبيرة ملمحة إلى أنها
لم تعد وحيد ًة ،ولا يفوت القاريء
التقاط الإشارة الكاشفة إلى
المدة الزمنية التي تفصل بين
ولادة الأختين وهي عشر
سنوات.
لطيفة لبصير وما يش ُّد الانتباه في منحى