Page 268 - merit 41- may 2022
P. 268
العـدد 41 266
مايو ٢٠٢2
وجوابها بسلاسة العارف. بين المرأة والرجل والتدهور رأسها ،تسقط كلما استقام
كان سؤالي مع نفسي يتكرر طريقها ،نحن شعب اعتاد أن
دائ ًما حول ذلك بين السطور: الاجتماعي الذي ينشأ في يتقاسم الخسارة و ُيطعن بها
من أين حصد هذه القدرة كلها؟
لأكون صريحة ،فقد استغرقت الأوساط تنزلق الأشجان ،كما في سبيل موهوم بالنصر،
مني القراءة مرات ومرات ،كان مرة بسكين القدر ،ومائة مرة
يتوجب عليَّ أن أحمل المعنى من أن «عدد النساء اللاتي يقتلهن
جوانبه المتعددة ،ولأقول إن بسيوف غادرة ،وألف مرة
الديوان رغم أنه الأول إلا أنه الحزن أكثر من عدد الرجال بخناجر جهلنا .أراد إدريس مرا ًرا
يستحق ذلك .فكم أره َقت أنفاسي
سلسلة الوجع الواقعي تلك التي الذين تقتلهم الحرب» ،كما يقول أن يخبرنا عن ذلك حينما كان
سطرها لنا! وكم كان عصيًّا عليَّ يعلو جبهة القصيدة وأحيا ًنا يفقد
أن أستمر في إقامتي في مواطن أنيس منصور ،لذا تبقى المرأة
الشعور ،بل والأصعب كان مفاتيحها إثر انشغاله بالفكرة،
عندما أوشكت على النهاية أثناء هي الحلقة الأضعف في حلبات أي ًضا كان يفقد صوته فتغيب
رغبتي بالمزيد! هذه هي العلاقة عني موسيقى قصيدته ،كنت
الشائكة بين المرء وآلامه ،يطوي الصراع في شرقنا العاثر .هو أُرجع ذلك لمقدار التعب الذي
صفحتها دون أن يغفل عن كيها شعر به أثناء صراخه ،توسلاته،
بميسم الذاكرة بين الأحيان. ذاته المجتمع الذي لم يقبل
وهنا كان إدريس بشكل أو توصياته ،ورسائله المكتظة
بآخر قد بدا واض ًحا بالنسبة الاختلاف ،فصوره بتسميات بالحكمة والشعور.
لي كإنسان وكشاعر ،وهما لا
يختلفان كثي ًرا بل يجتمعان كثي ًرا مريضة تنم عن جهل وتبعية لم يغب عني إطلا ًقا أثر القصيدة
في الحقيقة ،وهذا الجحيم الذي الأخيرة «بقايا امرأة» ،تلك
آلمني بشدة ،وأي ًضا في السلام كانت هي أسباب مآسينا،
الذي قرأته وشعرت به في عيون التي أرشف من خلالها قضايا
الكلمات ،والمحبة بنقائها التي كان عندما كانت السخرية لا تواجه المرأة الشرقية جمعاء بواحدة،
تلك الرسالة الشاملة والجادة، كانت هي َبروين ،رم ًزا للظلم
والتي خلقت هذه الكيمياء بين الخطايا وإنما الخلق الذي فقد
والقهر الاجتماعيَ ،بروين
القارئ والكاتب وديوانه. بصره ،حيث أراد سالم هنا أن التي اختصرت معاناة كل أنثى
وهذا ما يوثق رأيي عندما أقول
إن للشعر وجهة يمتاز بها عن يلفت نظرنا ويوجه و ْعينا إلى سواء بدموعها ،بمشاعرها،
غيره من حيث اصطياد الشعور أن البصيرة تكمن في الروح بتفاوت حجم وشكل الظلم الذي
وتأثيره على المتلقي ،عندما يكون عاشتها في حياتها مع غيرها من
سليطًا ومجردًا في بنية سليمة الطاهرة ،وأن المضي قد ًما لا
يتطلب ساقين ،بل إيما ًنا وعزيمة النساء .ولكنها القضية التي لا
داخلية وإرادة تستطيع من تزال ُتطرح كل يوم وإلى جانب
خلالها ألا تشعر بالعجز وإنما الحداثة التي نشهدها ،إلا أن
تسير في در ٍب من دف ٍء ونور. المأساة ُتعاش وبكثرة ودون
أدنى اعتبار للضحايا ،ج َّراء كل
فقال: جريمة تحصل بحق المرأة .كانت
َبروين الأنثى التي أحبت يو ًما
في أعماقهم ينعتوننا: فكان ذاك ذنبها الذي دفعت ثمنه
غاليًا ،بزوا ٍج قسري ومجتمع
بال ِف َراء «ضري ٌرُ ،معا ٌق!». يلعن وجودها كل يوم ،بصورة
إنهم عقو ٌل َمحجوب ٌة رجل جلاد ،وحياة ُفرضت عليها
لا يعلمون..
أننا نرى الب َها َء ُد ْجن ًة لكونها امرأة.
والد ْجن َة َب َها ًء. ما بين الحب والحرب والمفارقات
عايش إدريس من خلال قصائده
العشرين شعور الألم والأمل،
الحب والكره ،الخذلان والمساندة
والقهر الكبير ،فكانت أشبه
بسيمفونية تشرح انكساراته،
وتصمت حينًا لتختبر صبرنا
على الكرب ومقدار احتوائنا
للمغزى ،عبر سلم موسيقي
محكم بمهارة ،يتنقل بين قرارها