Page 267 - merit 41- may 2022
P. 267

‫‪265‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

                                                                       ‫التي نعيشها‪ ،‬عن الخراب الذي‬

                                                                       ‫نحفره لبعضنا البعض‪ ،‬عن‬

                                                                       ‫البؤس الذي يحضر لنا‪ ،‬عن أمة‬

                                                                       ‫وشعب‪ ،‬عن الضحايا عقب كل‬

                                                                       ‫ذلك‪ ،‬عن الدسائس التي نعيش‬

                                                                       ‫تحت سقفها‪ ،‬عن دين الفقر الذي‬
                                                                       ‫نعبده‪ ،‬عن ال ُكرد يا سادة!‬
                                                                       ‫هكذا يول ُد الأل ُم في َمدينتي‬
                                                                       ‫افلراصًغااخُم ُعب‪.‬ت ِك ًفا‬  ‫ذاك المُتذم ُر‬
                                                                                                   ‫هكذا ُنطف ُئ‬
                                                                                                 ‫ُنف ِر ُط بالأمل‬
                                                                       ‫وس َط ركام العبثية‬
                                                                       ‫نجم ُع شظايا عديم َة الشك ِل‬
                                                                       ‫جاهدين نحاو ُل‬
                                                                       ‫رس َم معالم رو ِح الإنساني ِة‪.‬‬
                                                                       ‫كم تعثرت أنفاسي بينما كنت‬
                  ‫خليل مطران‬                     ‫أنيس منصور‬
                                                                       ‫أقرأ عن خيباته المتكررة‪ ،‬تصاعد‬
  ‫الشاعر ونصوصه‪ ،‬الظلم الذي‬           ‫وثيقة إثبات لكل َمن ُقصم ظهر‬
   ‫عايشه خلال الحرب السورية‬             ‫انتمائه‪ ،‬و ُسلب منه حقه وحق‬    ‫آماله في لحظة حالمة لتعود‬
                                     ‫شعبه في الصمود والبقاء بكرامة‪،‬‬
    ‫التي لا تزال قائمة إلى يومنا‬        ‫بكبرياء‪ ،‬دون فقر وظلم‪ ،‬دون‬     ‫ف ُترمى من قمة واقع بائس فرض‬
      ‫هذا‪ ،‬والحروب الأهلية بين‬       ‫موت ودماء‪ ،‬دون أن تشفق قطط‬        ‫على الكاتب والقارئ م ًعا حز ًنا‬
 ‫شعبها وانتهاك حقوق القوميات‬            ‫الأزقة قبيل الفجر على صوت‬      ‫جسي ًما! كم حاول رغم عجزه‬
   ‫«الشعب الكردي»‪ ،‬والهجمات‬                                              ‫حيال الأحداث الخارجة عن‬
  ‫التي ُشنت عليهم من كل حدب‬                ‫أمعائه التي تضورت جو ًعا‬
      ‫وصوب‪ ،‬كتنظيم داعش في‬             ‫ساعة حر ٍب ضارية‪ ،‬قررت أن‬       ‫السيطرة وعن المعقول‪ ،‬أن تكون‬
  ‫مدينة كوباني وتدميره للعوالم‬        ‫تشن هجومها على سماء مدينته‬
‫وحرقه للذكريات ومحاولته إبادة‬         ‫كوباني‪ ،‬لانتزاع خيار الاعتراف‬    ‫صرخة قلمه واضحة ونداؤه‬
   ‫السكان‪ .‬أي ًضا الحرب التركية‬       ‫بقضيته‪ ،‬لغته ووجوده كمواطن‬
  ‫وفصائلها المسلحة التي احتلت‬                                          ‫مسمو ًعا‪ ،‬وأن يبني صر ًحا‬
   ‫مدينة عفرين الكردية‪ .‬تعاقبت‬                  ‫كردي وكائن بشري‪.‬‬       ‫يصغي ويعتبر من انهياراتنا‪،‬‬
   ‫هذه الويلات في حياة وذاكرة‬           ‫كانت جراحه بارزة في خضم‬
   ‫الشاعر وتتالت الفاجعات على‬            ‫سطوره حول فاجعة أرضه‪،‬‬         ‫فقال ذلك في قصيدة «غنا ُء‬
      ‫الأرض‪ ،‬مما أثارت سخطه‬             ‫حيث ُشوهد في الحدث‪ ،‬وكان‬                                   ‫الحجل»‪:‬‬
   ‫وغضبه اللذين جعلا منه ذاك‬          ‫شاه ًدا أي ًضا في فجوة من الظلم‬
‫الرماد الحاقد‪ ،‬ليتقيأ حبره ناز ًفا‬    ‫َخلقت من وصفه صد ًقا وإبدا ًعا‬                               ‫تعلموا‪..‬‬
                                       ‫فنيًّا لامسني بشدة‪ ،‬إذ كما قال‬  ‫أن الاعتقا َل والاغتيا َل‬
                         ‫قائ ًل‪:‬‬
        ‫إنها تخل ُع وج َه الخارط ِة‬       ‫خليل مطران «الشاعر الحق‬      ‫لا يبنيان الأوطا َن‬
                                       ‫َمن يجلو الشعور له شم ًسا من‬            ‫لا يزيلان الاستيطا َن‬
                 ‫من بدن العالم‪.‬‬       ‫الوحي في دا ٍج من الظلم»‪ .‬فكان‬   ‫أن أل َف طعن ِة َخنج ٍر من الشر‬
‫نحن الأمة التي تميل كلما رفعت‬         ‫لشعور الظلم تأثيره الطاغي على‬    ‫أرح ُم من طعنة غد ٍر واحد ٍة من‬
                                                                                                   ‫الخير!‬

                                                                       ‫كان إدريس إلى جانب تمسكه‬

                                                                       ‫بإنسانيته‪ ،‬كرد ًّيا بجدارة‪ ،‬ينقب‬
                                                                       ‫بين أدوات الكلمة عن شروح‬

                                                                       ‫وافية ومغزى يصلح أن يكون‬
   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272