Page 50 - merit 41- may 2022
P. 50
العـدد 41 48
مايو ٢٠٢2
د.سيد محمد السيد قطب
مجال الهوية
معالجة معرفية لسرد
محسن الغمري
سيفيد الغمري من نسق وحدة الدال وتعدد المفاهيم في بنيات
قصصه ،كانت القصص بالنسبة إليه رحلات طيران روحية تم َّسك
بها المضيف الجوي الذي لا يريد أن يكتفي بحياة أرضية تقليدية بعد
أن يترك المهنة ،لقد أيقن أن وجوده في السرد هو التواصل الجمالي
لمشروع الذات الذي بدأ من الوعي بالكلمة في المدرسة الأولى ،للوعي
بفعل النماء في دراسته للزراعة ،لتأمل الأنماط البشرية المتنوعة
مثلها مثل الأشجار والزهور في لقاءات عابرة بقارات العالم ،تجمعها
الغربة في لحظات بلا أقنعة.
وجو ًدا في المرجعية الإبداعية -المضافة لمدركات السرد عند محسن الغمري هو اختيار وجود.
خبراتنا -كتذكرة طيران دائمة متجددة ،تجمع بين
دفتي غلاف بلون السحب ،هوية مشتركة بين المبدع لقد اعتاد أديبنا محسن الغمري الحياة فوق السحاب،
فكان صعبًا عليه أن يهبط إلى العالم الأرضي دون
مدير الضيافة الجوية والقارئ الضيف الصديق أن يعيد صياغة مشروعه المستقبلي من خلال وثبة
المرتحل في أجواء الحكايات ،لقد قرر المضيف الجوي إدراكية يحاول بها أن يجد العالم الموازي للتحليق،
أن يستقبل السائحين في أفقه الخاص ،وأن يبني لهم ونال غايته في مجال الإبداع السردي الذي اتخذته
من حين لآخر مدينة جديدة لا تقل زيارتها روعة عن موهبته مجا ًل لهوية حيوية ،هوية تتحقق حين
مطالعة معالم إحدى المدن الجميلة التي يسعد الناس تقوم بتسكين مادة الذاكرة في التكوين القصصي،
بالحصول على تأشيرة دخولها ،فها هو ذا يصحبهم بعد معالجة شعورية تدرك قوانين الجمال .إن
الفن السردي -في القصة والرواية على حد سواء-
في مدنه السردية. استوعب طاقة التحليق عند كاتبنا محسن الغمري،
من هذا المنظور كان اختيار الغمري لفن السرد
قرا ًرا بمواصلة مشروع وجوده الذي تبلور في ومنحه عالمًا مواز ًيا لذلك العالم الذي عاشه في متون
مجال الطيران ،وكان السرد هو الفضاء الذي الطائرات.
يماثل التحليق في الطبقات العليا التي عاش الرجل
فيها ،ملتم ًسا في وجوه الغرباء ملامح الإنسان عبر منح السرد محسن الغمري فضا ًء بلا حدود كي
الألسن والألوان ،ومن المؤكد أن الشغف بالإبداع يقوم بتشكيل الصور التي استخلصها خياله من
شريط الرحلات ،فيضع عليها لمسة جمالية تكسبها