Page 52 - merit 41- may 2022
P. 52
العـدد 41 50
مايو ٢٠٢2
تشقي وتمنع أو تسعد وتمنح ،بالإضافة إلى حضور الطيران /الانتقال إلى التأليف الأدبي -استعارة لمفهوم
شخصية المبدع في أعماله بدرجة تضع صورته أمام الإبداع بوصفه رحلة ارتفاع ،تتطلب النظر للدول من
مجال خارجي ،لقراءة دراما الحياة ،من زاوية تسمح
القارئ مثلما يحدث في تقاليد إنتاج القصيدة بين بالرؤية الصافية ،زاوية تلتقي بالعابرين لتنطبع فيها
المبدع والمتلقي ،أو مثل حضور المخرج في بعض
لحظات وجودهم التي يمكن أن يحلل المبدع من خلالها
مشاهده السينمائية. هوياتهم الروحية والذهنية ،هذه الاستعارة المفاهيمية
اختار الغمري أن يستحضر عالم مهنة المضيف الجوي
تفيد في تص ُّور العملية الإبداعية بوضعها في سياق
التي صاحبته على مدى أعوام طويلة ،بعد تخرجه في تماثلي مع عملية التحليق ،يصبح المجال الذهني للمبدع
كلية الزراعة عام ،1974وكانت المهنة بالتأكيد ملهمة طائرة ،تحمل الكلمات والمواقف والنماذج البشرية من
له في دخول مدينة السرد ،إنه يحمل جواز مرور فيه سياقات مرجعية ،وخبرات يومية ،وتأملات ذهنية إلى
خصوصية تم ُّيزه ،لم يضع الغمري سنوات الطيران
مجال مغاير تسقط فيه الألفة التقليدية ،وتحل محلها
جانبًا ،ولم يكن يستطيع ذلك ،إن أكثر من ثلاثين دهشة الفضول المعرفي الذي يلتقط التفاصيل الدقيقة،
عا ًما لا بد أن تصبغ حياة الأديب بلون تشبَّعت به
حواسه ،تلك الحواس التي تفاعلت مع تجارب الصعود ويضع لها التعبيرات الناطقة بحمولتها المتوارية في
والهبوط ،وحضور الذات وسط متغيِّرات الكون، الألفة الصامتة.
وفروق التوقيت ،وإيقاع اللغات ،وتعدد المرئيات ،لقد
عاش في مهنته سنوات تتجاوز أعوام التكوين قبلها، والتعبير الوصفي الذي نحدده ،ليكون علامة
من مولده في 29نوفمبر عام ،1950وهو تاريخ مهم رمزية للهوية السردية التي تؤطر شخصية محسن
في تشكيل ملامحه الفكرية الواعية بالتاريخ ،وخبراته الغمري ،هو أنه طائر السرد العربي ،ليس لعمله في
الجمالية التي يغلب عليها شعرية الأداء التعبيري. حقل الطيران ،قبل أن يستقبله مطار الإبداع الأدبي
تاريخ ميلاد محسن الغمري يوضح لنا أنه عاصر فقط ،وإنما للمكونات الجمالية والفكرية التي يمكن
استخلاصها من خطابه السردي في القصة القصيرة
زمن الحلم القومي ،وانكسار النكسة ،ويقظة والرواية ،ومن أهمها شعرية أسلوبه بخاصة الوصفي
الاستنزاف ،وعبور الهزيمة ،وانحسار المد الاشتراكي،
لجماليات الأماكن ،التي يرسمها بدقة صاحب
وشراهة الانفتاح المادية بما جلبته من متغيرات في العدسة ،مو ِّظفا المجاز ليضيف إلى السياق ما يصاحب
منظومة القيم المجتمعية ،وفي الوقت نفسه ،كان
شخصياتها من أحوال شعورية ،واستخدامه الرمز
الشاب المصري يطالع أصداء التيارات العالمية التي الذي ينقل الجمل التعبيرية في الخطاب من تكوينات
التشكيل التصويري في المتخيل الدرامي إلى مرجعية
قضايا الواقع
المتصل يميراث
حضاري ،عن
طريق إشارات
تفتح طرق
التأويل ،ونزعته
الرومانسية التي
تتخذ من حقل
العاطفة محو ًرا
دراميًّا للإخفاق
والتحقق ،بقدر ما
تجعل المرأة معاد ًل
دراميًّا للحياة التي