Page 48 - merit 41- may 2022
P. 48

‫العـدد ‪41‬‬  ‫‪46‬‬

                                                         ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

    ‫الأعلى المزعومة‪ ،‬و َت َم ُّسك بمادية الإنسان الأرضي‬      ‫محاو ًل السير إلى الخلف‪ ،‬لعله يتصل بهذا الأعلى‬
   ‫وبحقه الجسدي‪ ،‬وما الجسد والعري والأسفل إلا‬                                           ‫المفقود (ص‪:)116‬‬
  ‫تج ٍّل لذلك الحق الذي يكسر الطابوهات‪ ،‬ولا يعترف‬                                         ‫أسير إلى الخلف‬
                                                                                                  ‫فأغفو‬
                        ‫بالخطوط الحمر (ص‪:)42‬‬
                    ‫طعم الملوحة ينسل من فخذيها‬                                ‫وأراني ممدد العين إلى الأعلى‬
                     ‫لا آخر لليلها لا انتهاء لصداها‬                                 ‫تحت مشارف المومياء‬
                 ‫وازدواجية الخلق والخلقة تصفف‬                                               ‫المومياء ذاتها‪.‬‬
                    ‫أوراق الذكر والأنثى في عينيها‬
                                                         ‫فالمحاولة كما هو واضح لا تتم في الواقع بل في الحلم‬
                            ‫بعبادة بحق الاختلاف‬          ‫والرؤيا‪ ،‬حيث يجد الشاعر نفسه ينظر إلى الأعلى‪ ،‬فلا‬
                                    ‫بحق الاتفاق‬          ‫يلمح إلا المومياء المحنطة فقط‪ .‬فالأعلى إذن ليس سوى‬

                       ‫بحق الفرد في عريه الأسفل‬             ‫جسد فارقته الحياة‪ ،‬إنه مقدس لم يعد كذلك‪ ،‬فقد‬
                          ‫المنفلت من الخط الأحمر‬         ‫سلطته وسطوته فصار مجرد ذكرى وحلم لا موطئ‬

                ‫خاتمة‬                                                               ‫قدم له في عالم الواقع‪.‬‬
                                                          ‫أما الطرف الثاني من هذا التقاطب الفضائي والمتمثل‬
     ‫قبل أن نتخطى أخر سطور هذه الدراسة نقول‬               ‫في الأسفل فنجده يهيمن على أغلب نصوص الديوان‪،‬‬
        ‫إن التجربة الفضائية كما عايناها في ديوان‬         ‫حيث نجده يحضر نصيًّا أزيد من خمس عشرة مرة‪،‬‬

     ‫«باب الفتوح» للشاعر المغربي أحمد العمراوي‬                                        ‫بدلالة واحدة تقريبًا‪.‬‬
     ‫تتميز بالفرادة والتنوع‪ ،‬وتتسم بعمق رؤيوي‬               ‫فالأسفل يحيل على الشهواني من خلال الإيحاءات‬
      ‫بارز قوامه التشكيل النصي والاعتناء بمعمار‬             ‫الإيروتيكية‪ ،‬والتي تعمق البعد الدنيوي والبشري‬
      ‫الصفحة الشعرية‪ ،‬ونوستالجيا المكان وتمديد‬             ‫في مقابل السماوي والمقدس كما هو واضح في هذه‬
    ‫حميميته‪ ،‬وكذلك التشبيك الدلالي المعتمد أسا ًسا‬
   ‫على الاستعارة الفضائية‪ ،‬زد على ذلك تلك القدرة‬                                           ‫المقاطع الثلاثة‪:‬‬
‫المتميزة على تفضيء الذات والآخر‪ ،‬وترجمة الأشياء‬                         ‫لا تستسلمي أيتها العاصفة الجموح‬

             ‫وفق لغة فضائية ذات دلالات خاصة‪.‬‬                                              ‫لالتهاب فخذيك‬
‫إن التجربة الفضائية الشعرية لا تعكس إذن القدرة‬                                               ‫لا تستديري‬

      ‫على توظيف الدلالات المكانية أو إسقاطها على‬                                ‫حركي آهاتك للأسفل قلي ًل‬
    ‫الأشياء‪ ،‬بل هي قبل ذلك بناء تشييدي مشترك‪،‬‬                                        ‫بلا احتشام (ص‪)12‬‬
   ‫يصوغه الشاعر والقارئ المتفاعل مع النص‪ ،‬هنا‬
‫تصبح قراءة هذه التجربة بنا ًء متجد ًدا‪ ،‬لا ادعاء فيه‬     ‫رجل شديد بياض الشعر‪ ،‬شديد سواد الثياب‪ ،‬يضع‬
‫للقدرة على الإمساك بالمعاني التي في صدر الشاعر‪،‬‬           ‫يده على نهد امرأة مكوكبة العينين شقراء‪ ،‬يضع ي ًدا‬
 ‫ذلك لأن معايشة الفضاء كما يحياها الشاعر لا تتم‬             ‫أخرى للأسفل‪ ،‬ينزل قلي ًل‪ ،‬تمازج‪ ،‬صياح‪ ،‬آهات‪..‬‬
 ‫في نظري على مستوى الواقع إلا لما ًما‪ ،‬إنها معايشة‬                                              ‫(ص‪)72‬‬
‫لفظية وتلفظية مشتركة بين الشاعر والقارئ‪ ،‬وهي‬                   ‫الصهد والصد والحب وأنا وصبرينا‪ ،‬يا عيون‬
‫كذلك قدرة على جعل حميمية الفضاء شيئًا مشتر ًكا‬                ‫صبرينا‪ ،‬ويا قامة صبرينا‪ ،‬ويا أطراف صبرينا‬
 ‫متحر ًرا من سطوة ذات المبدع‪ ،‬قاد ًرا على التواصل‬             ‫السفلية المتأملة كائنات تمزج الرغبة بلواط الدار‬
   ‫مع الآخر‪ ،‬فالعمل الإبداعي لا يكون كذلك إلا إذا‬             ‫البيضاء‪ ،‬والجزائر ووهران لتبقى منتصبة القد‪.‬‬
     ‫صار شيئًا حميميًّا بالنسبة للذي يبدعه والذي‬                                               ‫(ص‪)144‬‬
                                                             ‫فالجزء السفلي من الجسد وتحريكه نحو الأسفل‬
                            ‫يتلقاه على السواء(‪)21‬‬        ‫علامة على بشرية الإنسان‪ ،‬وعلى أن شهوانيته ليست‬
                                                          ‫قيمة سلبية في حد ذاتها‪ ،‬فالجنس كمحرم ومسكوت‬
                                                         ‫عنه يعكس دنيوية وواقعية الأسفل‪ ،‬إنه ضد طهرانية‬
   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53