Page 59 - merit 41- may 2022
P. 59

‫‪57‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

       ‫الساكنة والثابتة التي لا تترك ندو ًبا وآثا ًرا‪،‬‬  ‫الذاتية بواسطة السرد والقصص التي ترويها عنها‪،‬‬
    ‫حيث أصبح فهم الذات رهينًا بالأنماط السردية‬               ‫ضمن هويته وتفرده بها عن الهوية الجماعية‪،‬‬
‫والقصصية الخيالية التي تروى عنها وعن تجاربها‬
   ‫الفردية والجماعية‪ ،‬وفي علاقتها بذاتها وبالآخر‪،‬‬        ‫حيث تعكس السرديات طبيعة الشعب وتحافظ على‬
                                                           ‫هويته‪ ،‬فهو بذلك يضمن تفرده واستقلاليته عن‬
          ‫سعيًا إلى تجاوز الأزمة التي تعيش فيها‪.‬‬           ‫الآخرين‪ ،‬وتكون الجماعة التاريخية قد استمدت‬
‫لكن هل يمكن رسم صورة حقيقية عن الذات بكتابة‬                      ‫هويتها من تلقي النصوص التي أنتجتها‪.‬‬
                                                           ‫بالإضافة إلى ذلك؛ يحقق سرد التجارب الفردية‬
  ‫السيرة الذاتية والكشف عن المكون التاريخي لها؟‬
    ‫وبصيغة أخرى‪ :‬هل يمكن تشكيل هوية حقيقية‬              ‫نو ًعا من التماسك الذاتي والثبات الوجودي‪ ،‬في ظل‬
  ‫أو أكثر ذاتية عن الذات بالحكي والسرد «القصة‪،‬‬            ‫التناقضات وعبثية الوجود التي يعيشها الفرد في‬
    ‫الرواية‪ ،‬الشعر‪ ،‬النصوص التاريخية‪ ،‬الحكايات‬            ‫علاقته بذاته والعالم‪ ،‬ويتخطى التجارب المتنافرة‬
    ‫الشعبية»؟‪ ،‬ألا يمكن القول إن بول ريكور أغفل‬               ‫والتواريخ الصغرى التي عاشتها الذات‪ ،‬نحو‬
    ‫مميزات كل حقبة زمانية‪ ،‬فمث ًل نحن نعيش في‬             ‫قصة متماسكة وتاريخ واحد‪ ،‬وتسمح بالانهماك‬
                                                          ‫مع الذات وتحصين الهوية من الاندثار عن طريق‬
‫عصر الفردانية وعصر ألزهايمر؟ هل تحاول الذات‬                   ‫السرد‪ ،‬وتأليف تاريخ خاص للذات‪ ،‬فالسرد‬
 ‫انتزاع الاعتراف من الآخر والظفر به‪ ،‬ومنحه حق‬            ‫أضحى من خلال هذا الكلام مرآة الذات‪ ،‬وكاشف‬

    ‫الضيافة والإقامة الوجودية في قلب الهوية؟ إلى‬        ‫هويتها الحقيقية‪ ،‬وضامنًا لها خصوصيتها بتواجد‬
  ‫أي حد يمكن عد التاريخ‪ ‬والقصص والصور التي‬                                                       ‫الآخر‪.‬‬
 ‫أنتجتها سلطة الهيمنة الذكورية حول المرأة تعبي ًرا‬
                                                         ‫‪ ‬بالإضافة إلى كون الهوية السردية ليست بالهوية‬
                   ‫عن هويتها ومكانتها الحقيقية؟‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

     ‫‪ -1‬عبد الرحيم جيران‪( ،‬مأزق الهوية السرد َّية عند بول ريكور)‪ ،‬مجلة القدس‪ ،‬نشر‪ :‬جبران الشداني‪·8/17/3 ،‬‬
‫‪ -2‬بول ريكور‪« ،‬الذات عينها كآخر»‪ ،‬ترجمة جورج زيناتي‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،2005 ،‬ص‪.252‬‬

   ‫‪ -3‬بول ريكور «الزمان والسرد الزمان المروي»‪ ،‬ترجمة سعيد الغانمي‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتحدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬
                                                                                      ‫الأولى‪ .2006 ،‬ص‪.363‬‬

                                                                                   ‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.364‬‬
                        ‫‪ -5‬نادر كاظم‪( ،‬الهويات بين التحبيك أو التشكيل الأيديولوجية)‪ ،‬نزوى‪ ،‬العدد ‪.2003 ،33‬‬

                                  ‫‪ -6‬عبد الرحيم جيران‪( ،‬مأزق الهوية السرد َّية عند بول ريكور)‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64