Page 148 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 148

‫‪146‬‬

                                                                ‫رولان بارت‬

                                                                ‫المسرح البودليري‬

 ‫مسرحة مفترسة‪ ،‬كما الامر‬            ‫كاتب‪ ،‬وإن تص َّور مسر ًحا‬                   ‫ترجمة وتقديم ‪:‬‬
‫عند اسخيليوس أو شكسبير‬              ‫من دون كتابته القبلية هو‬
                                     ‫بودلير شكل له دلالته لما‬    ‫عبد الوهاب الملوح‬
   ‫أو برخت‪ .‬النص المكتوب‬             ‫سوف ينتهي إليه العمل‪.‬‬
    ‫مأخوذ مسب ًقا بالأجساد‬                                                        ‫(تونس)‬
  ‫والأشياء والموقف البراني‪،‬‬           ‫ث َّمة فكرة جوهرية يقوم‬
                                 ‫عليها ذكاء المسرح البودليري‬         ‫لا تكم ُن قيمة المسرح‬
      ‫بما يجعل الفظ يتفجر‬         ‫ألا وهي‪ :‬المسرحة؟ ما معنى‬
 ‫موا ًّدا‪ .‬أما ما يلفت النظر في‬                                        ‫البودليري في محتواه‬
  ‫السيناريوهات الثلاثة التي‬                        ‫المسرحة؟‬            ‫الدرامي‪ ،‬بل في صفته‬
  ‫نعرفها لبودلير (ولن أولي‬           ‫هو المسرح ينقصه نص؛‬        ‫المُتح ِّولة‪ :‬وليس دور النقد هنا‬
 ‫أهمية لإيديوليس ‪Ideolus‬‬         ‫وكثافة العلامات والأحاسيس‬        ‫معالجة هذه المحاولات ُبغية‬
 ‫عمل بالكاد يكون بودلير ًّيا)‬     ‫التي يتم تشييدها على الركح‬       ‫تشكيل صورة من خلالها‬
                                      ‫من خلال دليل مكتوب؛‬         ‫عن مسرح مكتمل؛ بالعكس‬
    ‫هي سناريوهات سردية‬              ‫هو هذا الإدراك الشعوري‬       ‫إنما هو السعي للوقوف على‬
     ‫بالأساس حيث حضور‬            ‫المسكون بالزخارف الحسية‪،‬‬
    ‫المسرحية حتى ولو كان‬                                                    ‫موهبة الإخفاق‪.‬‬
 ‫افتراضيًّا‪ ،‬ضعيف ج ًّدا‪ .‬من‬             ‫الحركات‪ ،‬الأصوات‪،‬‬          ‫طبعا إنه بلا جدوى؛ ‪-‬بل‬
‫الضروري الحذر من الوقوع‬              ‫المسافات‪ ،‬المواد‪ ،‬الأضواء‬    ‫وكم سيكون ذلك فظي ًعا لو‬
   ‫في فخاخ بعض الإشارات‬             ‫التي تغمر النص من تحت‬       ‫قلنا إنه بمناسبة إحياء ذكرى‬
  ‫الساذجة لبودلير من نوع‪:‬‬                                         ‫بودلير‪ -‬أن نأمل شيئًا من‬
‫«إخراج حيوي ج ًّدا‪ ،‬متحرك‬                 ‫تدفق لغته البرانية‪.‬‬      ‫هذه البذور‪ ،‬فكما أنه ليس‬
 ‫ج ًّدا‪ ،‬أ َّبهة عسكرية ضخمة‪،‬‬        ‫طب ًعا؛ لا بد أن تكون هذه‬
  ‫ديكور ذو تأثير شعوري‪،‬‬           ‫المسرحة حاضرة منذ البذرة‬            ‫من الممكن التساؤل عن‬
 ‫تمثال فانتاستيكي‪ ،‬ملابس‬         ‫الأولى المكتوبة في العمل‪ .‬ليس‬   ‫الدوافع الحقيقية التي ش َّدت‬
                                     ‫هناك مسرح عظيم بدون‬
                                                                   ‫بودلير إلى مثل هذه الحال‬
                                                                ‫الإبداعية غير المنقوصة والتي‬

                                                                    ‫لا تشبه في شيء جمالية‬
                                                                   ‫«أزهار الش ِّر»؛ عرف جي ًدا‬
                                                                 ‫أن غير المكتمل خيار كما هو‬
                                                                   ‫الأمر عند سارتر وعند كل‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153