Page 265 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 265
263 ثقافات وفنون
فن تشكيلي
وتاريخها وأضرحتها ،فالموصل عربية وأجنبية في كل ميادين الفن أمريكا وحلفائها هو هدم البنى
معبد للعلم والمعرفة والتاريخ والفلسفة والعلوم إلى كتلة فحمية، التحتية للمدينة وعدم الإبقاء على
لم تترك منها أث ًرا لباحث أو محب جسر ولا كنيسة ولا مستشفى
والأديان مضى على وجوده زمن ولا روضة أطفال ولا دار عبادة
قديم. للتاريخ ولا أث ًرا من آثار المدينة إسلامية أو مسيحية ولا دار أيتام
العريقة التي تمتد إلى عصور
وإذ تتمادى أمريكا وحلفاؤها في سحيقة إلا نسفته ،ولا متح ًفا، ولا متنزه ولا شجرة في غابات
الطغيان والأحقاد المتراكمة فإنهم ولا مخطوطة من المخطوطات الموصل الكثيفة بخصب تاريخ ّي
يحرقون المخطوطات القديمة التي شملت الفقه والتاريخ وعلوم طويل ،ولا دار علم ولا مكتبة
التي خطها القدماء بأيدهم في الجغرافية والفلك إلا أحرقتها من مكتبات الموصل الزاخرة
الموصل فيكبحون الخير والفن بوثائقها الأدبية والتاريخية ،حتى
والعلم ويبعدون العالم بأسره عن أو سرقتها لأن هذه الـ»أمريكا» مكتبة الأوقاف العامة التي تضم
علم الأخلاق ليلقوا به في هاوية عاجزة عن فك رموز الحضارات خزائن الكتب التراثية والمقتنيات
الفساد ،وينتهكوا كل القواعد القديمة ،لقد أبادت مصانع المدينة الشخصية والمقتنيات من المدارس
والعادات الرصينة والقيم المثالية الإسلامية والجوامع لم تن ُج من
التي تعلو بالإنسان عن السلوك ومعاملها ،وخربت مصانعها براثن الحقد ،وقد أحالت المكتبة
الغريزي وتجعله يميز بوعي بين ولم تدع شار ًعا من شوارعها إلا المركزية في جامعة الموصل والتي
الخير والشر ويلتزم بواجباته. نسفته وعاثت بأبنيتها ومساجدها تعد من أفخم المكتبات في العراق
يبرز الفنان في جدارية «التهجير» والشرق الأوسط بكل ثرائها
وجوامعها ومعالمها الأثرية وما ضمته من معاجم ومصادر
تراكمات الإرث الهائل وقد فسا ًدا ،فهذه الجدارية ترمز لكل
تناثر ركا ًما على الأرض ،كذلك
فعلت قوى الشر بكل ما له قيمة مفردة مما ذكرنا ببراعة فنان
زمنية من فنون وآداب وعلوم أحب الموصل وتراثها ومناراتها
تتناقلها الأجيال .هل التحرير في
رؤية أمريكا وحلفائها هدم قلعة جدارية موافق أحمد
باشطابيا التي تعتبر من المواقع
الأثرية في الموصل وإحدى المعالم
الأصيلة التي تمثل وجه المدينة
الحضاري التي تعود للقرن الثاني
الهجري؟ هل التحرير -يتساءل
الفنان والعالم -هو هدم كل
ما يسبح في خيال الإنسان من
التراث الإنساني والإسلامي
والأدبي والفني وكل ما خلفه
الأجداد من آثار علمية وفنية وما
تعتبره الإنسانية نفي ًسا بالنسبة
لتقاليد كل عصر وروحه ،بد ًل
من أن تتخذه الدول المعادية منب ًعا
ومثا ًل تحتذي به توثقه وتنشره؟
ها هي تدمر الرموز الدينية
التاريخية وتشعل النيران بالجامع