Page 274 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 274

‫العـدد ‪28‬‬                            ‫‪272‬‬

                                      ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

   ‫والطبيعة‪ ،‬قد أثر على سيرهم‬         ‫أمثال «ستانلي كيبريك» و»جون‬          ‫يقضون آخر الأسبوع مسا ًء‪ ،‬في‬
    ‫اليومي‪ ،‬نجد الأدب الياباني‬         ‫لوك غودار» في تشكيل حركات‬            ‫وسط المدينة‪ ،‬المدينة الأوروبية‬
                                      ‫كاميرا كفيلة بإدخال المتفرج إلى‬             ‫الاستعمارية‪ ،‬بلا شعور‬
      ‫قد خط صفحات لا نهائية‬            ‫عمق المشهد‪ ،‬انطلا ًقا من اللقطة‬         ‫يقصدونها لأنها تختلف عن‬
    ‫عن بياض الثلوج‪ ،‬وحركات‬             ‫الجامدة‪ ،‬حتى التكبير والتركيز‬       ‫وسطهم‪ ،‬من حيث المعمار‪ ،‬وكذا‬
    ‫الأشجار بفعل الرياح‪ ،‬الأمر‬                                                ‫الأنشطة الاقتصادية‪ ،‬والجو‬
   ‫ذاته قد ألهم مباني المعماري‬              ‫على شيء ما‪ ،‬والاستدارة‬              ‫الاجتماعي السائد بالمكان‪.‬‬
                                             ‫الكاملة بهدف الإظهار أو‬          ‫مشهد العائلات وهي تقضي‬
      ‫الياباني تاداو أندو‪ ،‬حيث‬         ‫الإخفاء‪ ،‬أو تتبع حركة الممثلين‪،‬‬         ‫أيام الآحاد بعي ًدا عن المنزل‬
   ‫نستشعر الهدوء والقرب من‬             ‫الانتقال الخارجي من نافذة إلى‬         ‫ألهمت «لو كوربيزييه» لتقديم‬
                                        ‫أخرى لتتبع شخوص مختلفة‪،‬‬                  ‫نظريته «النزهة المعمارية»‬
     ‫الطبيعة في جل تصميماته‪،‬‬             ‫أو حركة الكاميرا التي تتناغم‬        ‫‪architectural premenade‬‬
‫بالانتقال من الحياة اليومية‪ ،‬إلى‬      ‫مع مزاج الممثل‪ ،‬كما في استهلال‬         ‫في عديد من أعماله أهمها فيلا‬
 ‫فضاءات رحبة‪ ،‬مليئة بالضوء‪،‬‬             ‫فيلم التانغو الأخير في باريس‬         ‫صافوا (‪ )1931‬بفرنسا‪ ،‬حيث‬
                                            ‫(‪ ،)1972‬بمشهد «مارلون‬            ‫إن الوظيفة الداخلية للمبنى لا‬
  ‫مشيدة بالخرسانة الخام‪ ،‬بلا‬                 ‫بروندو» وحركة الكاميرا‬            ‫تقتصر على السكن وحسب‪،‬‬
    ‫طلاء أو زينة حتى لا تشتت‬           ‫العنيفة والصاخبة في إشارة إلى‬       ‫بل إنه قد يصير فسحة ومجا ًل‬
                                                                                 ‫للتسكع وإمتاع النظر بين‬
       ‫حركة الزائر في الفضاء‪.‬‬                    ‫شخصيته المضطربة‪.‬‬             ‫الفضاءات‪ ،‬في عمله هذا مث ًل‪،‬‬
   ‫ينتهي شيغا نويا من وصف‬              ‫وإذا ما كانت الحركة في الأفلام‬       ‫عمد إلى خلق فضاءات مختلفة‪،‬‬
‫كلبه بشتى الحيوانات‪ ،‬ثم يقول‬                                                    ‫متنوعة‪ ،‬وأكثر انفتا ًحا على‬
   ‫في نهاية قصته‪« :‬لكن بما أنه‬           ‫الآسيوية أكثر هدو ًءا واتزا ًنا‪،‬‬                 ‫بعضها البعض‪.‬‬
    ‫كلب‪ ،‬فلا بد أنه يشبه كلبًا»‪.‬‬       ‫حتى في أكثر أفلام الساموراي‬            ‫وقد تفنن مخرجون كبار من‬
‫ربما تلتقي الفنون في عدة أشياء‬
 ‫تجعلها كيا ًنا واح ًدا‪ ،‬لكن البشر‬        ‫عن ًفا‪ ،‬فذلك راجع بالأساس‪،‬‬
 ‫بطبعهم يميلون إلى أحدها دون‬               ‫للثقافة السائدة منذ الأزل‪،‬‬
     ‫الآخر‪ ،‬لأسباب خاصة‪ ،‬هنا‬               ‫هذا التناغم بين الآسيويين‬
‫يجب طرح سؤال‪ :‬ما الفن؟ لماذا‬
  ‫نقرأ الشعر؟ الأدب؟ لماذا ندفع‬       ‫لقطة من فيلم المواطن كين‬
‫للذهاب إلى السينما‪ ،‬أو من أجل‬
   ‫تصميم منزل لا يشبه المنزل‬
  ‫المجاور؟ قد يكون الأمر مجرد‬
‫متعة غريزية‪ ،‬ككل الرغبات التي‬
  ‫أفنى علم النفس عقو ًدا من أجل‬
 ‫تفسيرها‪ ،‬ربما هي نسبية‪ ،‬لكنها‬
 ‫أيضا حتمية لاستمرارية العيش‬

     ‫* معماري وباحث من المغرب‪،‬‬

 ‫حائز على الجائزة العالمية للعمارة‬

                 ‫ببنسلفانيا‪ ،‬أمريكا‪.‬‬
   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279