Page 275 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 275

‫‪273‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

     ‫أطفال العمرانية‬

       ‫يعانقون هاملت‬

‫د‪.‬فوزى الشامى‬

   ‫قريبة من شارع الهرم العريق‬         ‫ستينيات القرن الماضي‪ ،‬حينما‬         ‫من على جانبي الترعة التى‬
  ‫والأشهر أو متفرقة هنا وهناك‪.‬‬       ‫كان هناك براح ومتسع للرؤية‬
                                      ‫والتأمل قبل أن ترتفع الأبراج‬       ‫تحفها وتظللها أشجار الكافور‬
     ‫كان غالبية سكان هذا الحي‬       ‫السكنية الخرسانية منذ منتصف‬          ‫الفارعة‪ ،‬كان فى استطاعتك أن‬
    ‫يمرون أمام هذه المعاهد دون‬
                                         ‫السبعينيات لتمحو وتشوه‬             ‫تشاهد معاهد مدينة الفنون‬
      ‫معرفة بكونها أو بما يدور‬      ‫الجمال والهدوء والسكينة‪ ،‬وتلد‬      ‫وسط حقول خضراء هنا وهناك‪.‬‬
     ‫بداخلها‪ ،‬والقليل منهم يفطن‬      ‫القبح والعشوائية‪ ،‬وتحول دون‬
      ‫من أسماء معاهدها إلى أنها‬                                            ‫هذه الترعة الصغيرة تخترق‬
   ‫مكان لتعليم الفنون من تمثيل‬          ‫مشاهدة لا البساط الأخضر‬          ‫حي العمرانية الغربية‪ ،‬متفرع ًة‬
‫وموسيقى وسينما ورقص‪ ،‬وأكد‬             ‫وأهرامات سقارة ولا أهرامات‬         ‫من ترعة الزمر الأكبر الموازية‬
   ‫لهم هذا حينما كانو يشاهدون‬          ‫الجيزة‪ ،‬حيث حجبت التاريخ‬
                                      ‫وجمال الطبيعة التى عشقناها‬           ‫لنهر النيل والتي تفصل بين‬
       ‫بعض المشاهير من الأدباء‬         ‫فعاشت فى وجداننا‪ .‬وحاولت‬          ‫العمرانيتين الغربية والشرقية‪،‬‬
‫والفنانين يترددون على الأكاديمية‬     ‫أن تحجب عن قلوبنا ومشاعرنا‬
                                   ‫وخيالنا الرؤية والتأمل‪ ،‬ولكنها لم‬       ‫أما الصغيرة فتنتهي بالقرب‬
  ‫بشكل شبه منتظم‪ .‬ويشاهدون‬                                              ‫من مدينة الفنون‪ ،‬فعند نهايتها‬
      ‫فى مساء ليالى الشتاء أناس‬                           ‫تستطع‪.‬‬          ‫يمينًا تجد معهد السينما وعن‬
                                          ‫في ذلك الوقت كانت مدينة‬     ‫يسارها قاعة سيد درويش وبقية‬
‫كثيرين يأتون بسياراتهم الفاخرة‬      ‫الفنون التي أُطلق عليها في نهاية‬     ‫المعاهد‪ ،‬وهى الفنون المسرحية‬
   ‫أو بوسائل وطرق أخرى وهم‬          ‫الستينيات أكاديمية الفنون تضم‬        ‫والباليه والكونسرفتوار‪ ،‬وعلى‬
  ‫يرتدون ملابس السهرة الأنيقة‬        ‫وقتها فقط هذه المعاهد الأربعة‪،‬‬   ‫مرمى البصر كنت تشهد أهرامات‬
    ‫ويدخلون قاعة سيد درويش‬              ‫قبل أن تضم و ُتنشئ معاهد‬
   ‫ليشهدون حف ًل موسيقيًّا أو ما‬   ‫آخرى فيما بعد‪ .‬كانت هذه المدينة‬         ‫الجيزة تطل من فوق هضبة‬
     ‫شابه‪ .‬وفي الحقيقة أن هؤلاء‬        ‫جس ًدا غريبًا وسط هذا الحي‬     ‫الأهرامات وكأنها الحارس الأبدي‬
  ‫القادمين إلى القاعة كانوا يأتون‬     ‫متوسط الحال‪ ،‬فلم يكن شعبيًّا‬    ‫على أرض مصر ونيلها‪ .‬ومن أعلى‬
    ‫ليشاهدوا ليلة كل سبت حف ًل‬     ‫بالمعنى المعروف ولا أرستقراطيًّا‪،‬‬
    ‫موسيقيًّا لأوركسترا القاهرة‬      ‫فض ًل عن مناطق صغيرة قليلة‬          ‫أسطح هذه المعاهد كنت تشهد‬
       ‫السيمفوني أو لأوركسترا‬                                         ‫منظ ًرا بدي ًعا خلا ًبا‪ ،‬بساط أخضر‬
   ‫زائر من خارج البلاد‪ ،‬أو أنهم‬                                        ‫من المزارع والحقول يمتد جنو ًبا‬

                                                                                ‫حتى أهرامات سقارة‪.‬‬
                                                                              ‫كان هذا المشهد البديع فى‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280