Page 271 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 271

‫‪269‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

   ‫المكان‪ ،‬الوقت وحتى الموسم‪.‬‬                  ‫هو المبدأ الذي دافع عنه‬     ‫الفرنسي «جون نوفيل» ‪Jean‬‬
    ‫كما أنه يختلف عن الإضاءة‬               ‫المعماري الفرنسي من أصل‬         ‫‪ Nouvel‬مصمم متحف اللوفر‬
    ‫الاصطناعية‪ ،‬التي يلجأ إليها‬         ‫سويسري «لو كوربيزييه» ‪Le‬‬
     ‫المخرج بهدف تسليط انتباه‬               ‫‪ Corbusier‬سنة ‪ 1923‬في‬            ‫بدبي‪ ،‬بأن العمارة والسينما‬
  ‫المشاهد نحو شخصية‪ ،‬مكان‪،‬‬                 ‫كتابه نحو هندسة معمارية‪،‬‬       ‫هما شيئان يعيشهما المرء‪ ،‬عبر‬
  ‫أو حتى مجرد تفصيل صغير‪،‬‬                  ‫قائ ًل‪« :‬العمارة هي التلاعب‬
    ‫تجميل شيء ما أو تشويهه‪،‬‬                 ‫المحكم‪ ،‬الصحيح‪ ،‬والبديع‪،‬‬        ‫كل من بعدي الزمن والمسار‪،‬‬
     ‫أو التأثير على وجهة نظرنا‬           ‫للفضاءات تحت الضوء»‪ .‬فهو‬        ‫لكون السينما عبارة عن مشاهد‬
 ‫للأشياء في الفضاء‪ ،‬في مسلسل‬            ‫ببعده اللامادي‪ ،‬وطابعه المتبدل‬
                                                                               ‫متتالية‪ ،‬والعمارة تسلس ًل‬
      ‫«دكستر» الأمريكي‪ ،‬الذي‬                 ‫بالزمن‪ ،‬ليس حديث العهد‬                 ‫للأمكنة التي نعبرها‪.‬‬
    ‫يحكي قصة قاتل متسلسل‪،‬‬                    ‫بالعمارة‪ ،‬حضارات كبرى‬
  ‫عمد المخرج إلى تسليط إضاءة‬               ‫تشكلت حول مدار الشمس‪،‬‬              ‫الضوء والظل‬
 ‫حمراء‪ ،‬على وجه البطل‪ ،‬كليًّا أو‬           ‫وحتى اليوم‪ ،‬تظل حاجة كل‬
  ‫نصفيًّا‪ ،‬في كل مرة ينوي فيها‬           ‫فضاء للضوء نسبية‪ ،‬فالضوء‬             ‫تخيل منز ًل‪ ،‬بلا نوافذ‪ ،‬بلا‬
     ‫قتل أحدهم‪ ،‬صار ذلك فيما‬            ‫النافذ إلى غرفة يختلف عن ذاك‬          ‫ضوء‪ ،‬قد يكون ذلك ممكنًا‬
 ‫بعد مؤش ًرا للمشاهدين عن نية‬             ‫الذي يحتاجه مسرح أو قاعة‬           ‫في فيلم رعب‪ ،‬لكن في الحياة‬
                                                                             ‫اليومية‪ ،‬يستحيل العيش بلا‬
               ‫البطل الإجرامية‪.‬‬                                ‫سينما‪.‬‬       ‫ضوء النهار‪ ،‬فقد ارتبط النور‬
‫الشيء ذاته في العمارة‪ ،‬حيث قد‬               ‫في السينما‪ ،‬التلاعب بكمية‬          ‫بحياة الإنسان منذ الأزل‪،‬‬
                                             ‫الضوء في المشهد قد يغير‬         ‫قد تختلف تجلياته من ثقافة‬
  ‫تستخدم الإضاءة الاصطناعية‬            ‫رؤيتنا للفضاء والشخوص‪ ،‬هو‬             ‫لأخرى‪ ،‬فإن قدسه الأولون‪،‬‬
   ‫الداخلية في حالة افتقاد المبنى‬          ‫يكشف ويخفي‪ ،‬يرتبط دو ًما‬       ‫فاليوم هو لا يزال يشكل جز ًءا‬
                                        ‫بالزمن‪ ،‬يصعب إدراك الأمر في‬      ‫لا يتجزأ من حياتنا‪ ،‬بشكل يبقي‬
     ‫للضوء الطبيعي‪ ،‬يكون ذلك‬             ‫فضاء مغلق‪ ،‬أو في حالة ضوء‬         ‫على قدسيته‪ ،‬ابتدا ًء من الحفاظ‬
   ‫غالبًا في الأحياء الضيقة التي‬            ‫منتشر‪ ،‬في حين أن الضوء‬          ‫على التسلسل اليومي‪ ،‬وحتى‬
   ‫تحجب فيها البنايات الشمس‬             ‫المباشر‪ ،‬دو ًما ما يكون مؤش ًرا‬
‫عن بعضها البعض‪ ،‬أو تما ًما كما‬         ‫زمنيًّا‪ ،‬يساعد المشاهد على إدراك‬                   ‫آثاره الصحية‪.‬‬
  ‫في السينما‪ ،‬قد تهدف الإضاءة‬                                                 ‫ويعتبر الضوء «مادة بناء»‬
    ‫الخارجية للمبنى إلى إبرازه‪،‬‬                                          ‫أساسية في كل تصميم معماري‪،‬‬
   ‫وتسليط أنظار الناس صوبه‪.‬‬
   ‫لكن بنا ًء مغمو ًرا كليًّا بالنور‪،‬‬
 ‫هو بناء ضعيف‪ ،‬يتجلى الجمال‬
    ‫في وجود الاثنين م ًعا‪ ،‬النور‬

      ‫والظلام‪ ،‬ونحن في حديقة‬
  ‫قصر الحمراء بغرناطة يغمرنا‬
‫الضوء بشكل كلي‪ ،‬إلى أن نخطو‬
  ‫نحو مساحة مفتوحة على فناء‬
  ‫ي ْكسر الضوء بشيء من الظل‪،‬‬
 ‫بعدها صوب رواق بأشعة غير‬
‫مباشرة‪ ،‬أقل كثافة‪ ،‬ثم إلى قاعة‬

      ‫يطغى فيها الظل والهدوء‪.‬‬
      ‫هنا يتجلى العمق‪ ،‬النور في‬

                                                                         ‫كنيسة الضوء باليابان‬
   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276