Page 276 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 276

‫العـدد ‪28‬‬                               ‫‪274‬‬

                                            ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

    ‫المرتفعة ذات العمق المطلة على‬                  ‫وهذا الكيان الغريب وسط‬                 ‫يشاهدون فى أمسيات يوم‬
‫فناء الأكاديمية بأعمدتها الشاهقة‬             ‫مجتمعهم منذ إنشائه سنة ‪1959‬‬                 ‫الثلاثاء مرتين من كل شهر‬
                                             ‫ما يزيد عن عشر سنوات‪ ،‬إلى أن‬            ‫حفلات للعزف على آلة الأورغن‬
     ‫والدرج الرخامي هي مسرح‬                 ‫جاء اللقاء الأول بينهما عام ‪،1971‬‬         ‫العملاق الذى شيده خبراء من‬
       ‫أحداث هذا العمل‪ ،‬فلم يكن‬                                                     ‫الدولة الصديقة تشيكوسلوفاكيا‬
                                              ‫والذي ولَّد لديهم شعو ًرا جدي ًدا‬      ‫آنذاك على مسرح القاعة‪ ،‬والذي‬
  ‫ليتناسب مع هذا التكوين البديع‬                ‫بالتقارب والتآلف والتفاعل مع‬           ‫تم تشيده أثناء بنائها‪ .‬أو أنهم‬
     ‫لبانوراما المسرح سوى عمل‬                  ‫هذا الكيان الكبير منارة الثقافة‬           ‫سيشاهدون حف ًل موسيقيًّا‬
                                             ‫والفنون وسط العمرانية‪ ،‬ليتحقق‬           ‫لطلاب الكونسرفتوار أو عر ًضا‬
 ‫درامي تاريخي من آداب المسرح‬                 ‫بذلك حلم فارس الثقافة الدكتور‬             ‫مسرحيًّا لطلاب معهد الفنون‬
   ‫العالمي‪ ،‬فقرر هذا المعيد الشاب‬               ‫ثروت عكاشة في كيفية تربية‬            ‫المسرحية أو عرض باليه يقدمه‬
                                                                                       ‫تلاميذ مدرسة ومعهد الباليه‪.‬‬
‫أن يتقاسم هذا الإبداع مع الكاتب‬                  ‫ونشر الوعي وثقافة المعرفة‬             ‫كان طلاب الأكاديمية فى ذلك‬
‫الإنجليزي وليم شكسبير‪ ،‬فاختار‬                 ‫من خلال الاحتكاك المباشر بين‬          ‫الوقت من أحياء متفرقة بالقاهرة‬
                                             ‫أجهزة الثقافة والفنون بالمجتمع‪،‬‬            ‫والجيزة‪ ،‬والبعض القليل من‬
  ‫من بين أعماله الخالدة مسرحية‬                 ‫حينما كان وزي ًرا لثقافة مصر‪،‬‬        ‫محافظات أخرى مثل الإسكندرية‬
     ‫“هاملت” التي ترجمها خليل‬                 ‫فهو الذي أنشأ أكاديمية الفنون‬              ‫والمنصورة وأسيوط وربما‬
                                                                                          ‫من غيرها‪ ،‬جاؤوا ليتعلموا‬
‫مطران إلى اللغة العربية الفصحى‪،‬‬                   ‫فى هذا الموقع‪ ،‬كما أنشأ كل‬        ‫بالأكاديمية‪ ،‬ومنذ سنوات طويلة‬
   ‫فهي من الأعمال المؤثرة بشدة‬               ‫المؤسسات الثقافية التي تأسست‬             ‫أصبح السواد الأعظم من أبناء‬
                                            ‫فى بدايات عهد ثورة يوليو ‪1952‬‬             ‫الأكاديمية من الأحياء والمناطق‬
 ‫فى النفس البشرية والأكثر شهرة‬              ‫والتى ما زلنا ننهل من أطيابها إلى‬          ‫المجاورة الملاصقة‪ ،‬وكان هذا‬
                          ‫عالميًّا‪.‬‬                                                   ‫نتيجة لنشر الوعي بالفنون فى‬
                                                                     ‫اليوم‪.‬‬
       ‫كان هذا الشاب هو محمد‬                ‫كان اللقاء الأول مع أهالي وأطفال‬                               ‫المنطقة‪.‬‬
‫صبحي‪ ،‬الفنان الذى لعب بعد ذلك‬                                                             ‫إلا أنه قد ظلت العلاقة غير‬
                                               ‫العمرانية حد ًثا فنيًّا لا أبالغ في‬    ‫حميمية بين سكان هذه المنطقة‬
  ‫فى فن المسرح المصري والعربي‬               ‫وصفه بأنه علامة فارقة قد غيرت‬
  ‫الحديث على مدار خمسين عا ًما‬
‫دو ًرا رياد ًّيا كبي ًرا مه ًّما‪ ،‬إلى جانب‬     ‫إلى ح ٍّد كبير مجرى مشاعرهم‬
   ‫أعماله فى السينما والتليفزيون‪.‬‬                  ‫وإدراكهم ووعيهم الثقافي‪،‬‬
  ‫فقد درس وتعلم على أيدي كبار‬
‫أساتذة الأدب والإخراج المسرحي‬                    ‫والحدث هو أن أحد المعيدين‬
 ‫الذين تأثر بهم كثي ًرا‪ ،‬أمثال سعد‬                 ‫دفعة عام‬
  ‫أردش وعلى فهمى ونبيل الألفي‬
  ‫وإبراهيم حمادة ورشاد رشدي‬                  ‫‪ 1970‬فى المعهد‬
  ‫وهاني مطاوع‪ .‬كما تأثر وأثقلته‬                ‫العالي للفنون‬
    ‫مثل كل شباب مصر الأحداث‬
  ‫الكبيرة التي مر بها الوطن‪ ،‬منذ‬            ‫المسرحية‪ ،‬والذى‬
   ‫أن اندلعت حرب يونيه ‪،1967‬‬                ‫أنشأ قبل تخرجه‬
  ‫والنكسة التي خلفتها‪ ،‬وسنوات‬
                                              ‫بعام واحد‪ ،‬ما‬
      ‫حرب الاستنزاف‪ ،‬ثم رحيل‬                ‫يعرف باستوديو‬
 ‫الزعيم جمال عبد الناصر ‪،1970‬‬
 ‫وتشييع شعب مصر بكل طبقاته‬                       ‫الممثل‪ ،‬قدم‬
‫لجثمانه فى مشهد مهيب‪ ،‬ثم حرب‬                  ‫عم ًل مسرحيًّا‪،‬‬
‫استرداد الأرض والعزة والكرامة‬                 ‫وقرر أن تكون‬

               ‫فى أكتوبر ‪.1973‬‬                  ‫واجهة معهد‬
 ‫جاء هذا الحدث الفني بعد مرور‬               ‫الفنون المسرحية‬

                                                   ‫العريضة‬
   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281