Page 279 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 279
محمد صبحي ،الفنان الذى لعب بعد ذلك فى عبد السلام ،الذى طلب في نهاية
فن المسرح المصري والعربي الحديث على العرض أن يقوم محمد صبحى
مدار خمسين عا ًما دوًرا رياد ًّيا كبيًرا مه ًّما،
إلى جانب أعماله فى السينما والتليفزيون. بأداء دور أخناتون فى فيلمه
فقد درس وتعلم على أيدي كبار أساتذة بنفس الاسم.
الأدب والإخراج المسرحي الذين تأثر بهم
أحكي كل هذه المشاهد ليس من
كثيًرا ،أمثال سعد أردش وعلى فهمى ونبيل وحي خيالي وتصوراتي ،ولكني
الألفي وإبراهيم حمادة ورشاد رشدي وهاني شاهد عيان عليها ومتابع مدقق
مطاوع .كما تأثر وأثقلته مثل كل شباب مصر
كل يوم على مدار التدريبات
الأحداث الكبيرة التي مر بها الوطن والعروض ،لأنني وجدت في
هذه التجربة ،نموذ ًجا فري ًدا فى
رغم أنهم فى البداية لم يفهموا منهم يحمل اسم شخصية من نشر الوعي والثقافة والتنوير
لغة الحوار بالعربية الفصحى، الشخصيات فهذا هاملت وهذا بالاحتكاك المباشر دون وساطة.
ولكن بمرور الأيام تمكنوا من كلاوديوس وهذه أوفيليا .كانوا فقد أبهرتنى نتائج التجربة ،يكفي
يقفون على الأرصفة أمام منازلهم أن تمر فى شوارع العمرانية لتجد
اكتشافها. فى شكل دائرة ويتبارز فى وسطها الأطفال وقتها ينادون بعضهم
وهذا العمل العالمي الشهير الذي كل أثنين م ًعا ويمسك كل منهما بأسماء شخصيات المسرحية،
ُقدم سيكمن فى وعيهم ومخيلتهم، عصا فى يديه تقلي ًدا للمبارزة التى ويقولون جم ًل شهيرة ورنانة من
ولن ينسوه ،وسيكون له بالتأكيد كانت تدور على المسرح ،والتى الحوارات التى كانوا يسمعونها
آثاره النفسية والوجدانية التى كانت فى غاية الدقة والاحترافية. مرا ًرا وتكرا ًرا ،ويكفى أنهم
ستظل معهم وربما غيرت بعض لقد تعلم هؤلاء الصغار البسطاء يعرفون من هو هاملت ومن
الاتجاهات والمسارات فى رحلتهم تقاليد وآداب الجلوس فى المسرح هي أوفيليا ومن هو شكسبير،
وآداب الصمت عند المشاهدة ،هم هل تصدق أن أطفال العمرانية
فى الحياة. يصمتون من أول دخولهم من البسطاء يعرفون كل هذا .إنهم
هكذا يكون دور الفنانين والمثقفين بوابة الأكاديمية العملاقة التى يعرفون حكاية المسرحية بكل
كانت تمثل حائ ًل بينهم وبين تفاصيلها ويرددون الجمل
وأجهزة الدولة التى لها شأن ما يدور فى الداخل ،تعلموا أدب الشهيرة منها «أن تكون أو لا
بالثقافة والفنون .هكذا ينمو الاستماع والإنصات ،دون أن تكون هذا هو السؤال» ،وكل
الوعي وتنتشر الثقافة ونحقق يرشدهم أحد فقد فرضت عليهم
تربية الانتماء وتنمية العقول حتى الأجواء المحيطة وجدية العمل
نرتقي ونعلو ونتمكن من محاربة وعظمة المشهد ،أجبرهم كل ذلك
الإرهاب والتطرف والفساد ،الذي على الالتزام والصمت والاحترام
توغل فى حياتنا ،ودمر عقول وبشكل تلقائى لا تعليمات فيه،
الضعفاء .هكذا يكون الوعي
والثقافة .فالثقافة سلوك وأسلوب
حياة