Page 109 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 109

‫نون النسوة ‪1 0 7‬‬                                             ‫يتجاوز الثلاثة أسطر‪ -‬التي ُتقهر فيها الروح الأنثوية‬
                                                          ‫بسبب وجودها المادي داخل جسد أسير يتحكم الزوج في‬
                   ‫يتساقط مني»‪( .‬المجموعة‪ ،‬ص‪)49‬‬            ‫أدواره وفق تصوراته الخاصة‪ ،‬وهو ما استمرت تبعاته‬
 ‫بينما كانت غرائبية الروح لدى «زينب» ‪-‬اسم الشخصية‬
                                                                                  ‫على الشخصية عقب وفاته‪:‬‬
     ‫وعنوان القصة‪ -‬هي ما انتصرت على ملامحها غير‬              ‫«كان يثبتها بمسمارين في الحائط كل يوم ليتأكد أنها‬
    ‫الجميلة ومفاتنها غير المغرية‪ ،‬وكانت وسيلة المرأة في‬     ‫لن تهرب منه أثناء الليل‪ ،‬وحتى بعد رحيله بسنوات ما‬
                                                              ‫زالت تعر ُف مكان الثقبين الموجودين في أعلى ظه ِرها‬
                 ‫جذب الزوج إليها ومغالبة مكائد أمه‪:‬‬       ‫وتتدلى روحها منهما كل يوم من نفس المكان في الجدار»‪.‬‬
‫«لعب الشيطان برأس الوجيه لما تخيَّل أن السيد قد تطلع‬
‫ولو من بعيد لصدر زينب المكشوف‪ ،‬شده من قمي ِصه ثم‬                                         ‫(المجموعة‪ ،‬ص‪)48‬‬
‫جرجره على السلا ِل ودخل به إلى مخد ِع زينب التي كانت‬      ‫وعلى الجانب الآخر‪ ،‬كانت سعادة الروح المقرونة بسعادة‬
                                                          ‫الآخرين وج ًها من وجوه الانعتاق والتغلب على ثقل الآلام‬
   ‫تترب ُع في وسطه كإله على دراية بكل ما يدور‪ .‬لما غاب‬
  ‫الوجيه وشقيقه بالأعلى‪ ،‬اختل َج صدر صفية‪ ،‬وسحبتها‬            ‫المتصلة بالجسد الضئيل الزائل‪ ،‬وهو ما أعلنه سارد‬
  ‫قدماها إلى الطابق الثاني‪ ،‬كان الوجيه راكعا أما َم فراش‬  ‫«كرنفال» الذي انشغل بسعادة الأطفال الفرحين بالحلوى‬
   ‫زينب مطأطئ الرأس وفي يمينِه رأس السيد الذي تمد َد‬       ‫التى تسقط من جيوبه‪ ،‬عن أوجاعه الجسدية عقب تعثره‬

        ‫جس ُده المنحور على يساره»‪( .‬المجموعة‪ ،‬ص‪)61‬‬                   ‫وسقوطه أمام سيارة تدهسه عن غير عمد‪:‬‬
 ‫وبالمثل‪ ،‬كانت برمجة ذهن البطلة في «ذاكرة هلامية» على‬       ‫«حملني بعض الغرباء فو َق أكتافهم بطريقة زادت من‬
 ‫كل ردود الأفعال التي ترضي الزوج‪ ،‬هي الحل السحري‬
‫لحل خلافاتها الزوجية‪ ،‬وهو ما جسدته الساردة في حوار‬            ‫أوجاعي‪ ،‬لكني انشغلت حينها بفرحة الصغار الذين‬
 ‫ساخر بين الزوجة ‪-‬التي تفقد ذاكرتها تما ًما عقب عملية‬     ‫كانوا يمرون من تحتي وهم يتهافتون على التقاط ما كان‬

                  ‫البرمجة‪ -‬وصديقتها الناصحة لها‪:‬‬
   ‫«‪ -‬حرية؟ كيف تشعرين بالحرية وقد حددت مسارك‬

                       ‫لكل الأشياء والأفعال مسب ًقا؟‬
   ‫‪ -‬الحرية ليست فقط في تعدد الخيارات أمامك‪ ،‬أحيا ًنا‬
    ‫تكون الحرية في إلغاء كل المسارات الأخرى‪ ،‬وهذا ما‬
  ‫أجربه الآن‪ ،‬ولكن بمزاج جي ٍد وبال رائق‪ ،‬ألم تلاحظي»‪.‬‬

                               ‫(المجموعة‪ ،‬ص‪)73‬‬
    ‫وأخي ًرا‪ ،‬فإن البنية السردية المثيرة لاستغراب القارئ‬
 ‫في المجموعة القصصية «رأس مستعمل للبيع»‪ ،‬وتشكيل‬
     ‫نصوصها عبر الاتكاء على دمج الواقع بكل عناصره‬
    ‫المادية الطبيعية بكل ما هو فوق طبيعي كان من أبرز‬
‫آليات التجريب التي اعتمدتها الكاتبة «شيرين فتحي» كي‬
   ‫تتمكن من إيصال حكاية المرأة ‪-‬الزوجة والأم والابنة‬
   ‫والعاملة‪ -‬في واقعها اليومي العادي عن طريق إحداث‬
  ‫الدهشة المتعمدة بإقامة علاقات غير ممكنة‪ /‬عجيبة بين‬
  ‫أزمة الشخصية وطريقة حلها‪ ،‬حيث يأتي الخلاص غير‬
‫المتوقع بعد انعدام كل الحيل الطبيعية وانقطاع كل السبل‬
   ‫العادية‪ ،‬فيكون اللجوء إلى المستحيل وابتكار كل ما هو‬
 ‫عجيب تعبي ًرا عن وطأة القهر وشدة الاغتراب لدى أنماط‬
 ‫نسائية خاضعة لسيادة أبوية سواء في محيط الأسرة أو‬

                                 ‫في داخل المجتمع‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114