Page 112 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 112
العـدد 25 110
يناير ٢٠٢1
في تخفيف وطأة مشاعر الظلم ضد المرأة ،فكانت على أنه من المهم الإشارة إلى كون الفنتازيا في هذه
تمنحها هذا التوازن الذي نتحدث عنه ،ومثال القصص أحيا ًنا ما تكون قد بلغت في غرائبيتها
درجة من الطرافة والقدرة على الإضحاك أو
ذلك أنه في بعض الأحيان يكون الحديث عن قهر إدهاش المتلقي ،عبر ما فيها من مبالغة أو
الزوج لزوجته أو مشاكلها وقدر ما يتسبب لها تجاوز تام للمنطقي الطبيعي إلى حد من الهزل،
في الإيذاء والتشوه ،ولكن تمر هذه المشاعر على الذي يبدو هز ًل ذا طابع جمالي وضمن المسار
المتلقي بدرجة من التوازن والهدوء الذي يجعله والنسق السردي العامد إلى إنتاج الجمال عبر
يحس كافة التفاصيل دون الاستغراق في مشاعر
الحزن أو الكراهية ،بل يبقى مفتوح العينين يتابع الهزل والسخرية والتضخيم ،أو وفق هذه البنية
بدقة ويقظة كبيرة ،لأن الطابع الهزلي أو الساخر الغرائبية وتركيبها مع بعضها في هذا الإطار
خفف من حدة هذه الانفعالات والمشاعر السلبية،
كما نرى في قصة «ذاكرة هلامية» حين تتعرض من المزج الذي أشرنا إليه مسب ًقا من الجمع بين
الإفراط في المجاوزة التخييلية ،وبين الواقع بثقله
لعلاقة الرجل بالمرأة بمشاكلها في إطار هذا
التكنيك السردي المتوازن ،والمنتج لجمالية السرد، وعاديته ومشاكله وأسئلته المكررة.
فتمزج اللعب والهزل بالوصف والواقعية ،وتشكل وإذا كانت المفاجآت في هذا السرد تنبع من البعد
صورة نهائية طريفة ومختلفة للسائد في الغالب، التخييلي المتجاوز ،فإن مزجهما م ًعا هو الذي ينتج
البنية الكلية وشعرية الالتحام وتكامل المعنى ،أي
ومثال هذا يتحقق في ذلك المقطع «عدة أصدقاء أن الصورة الإجمالية لكل قصة هي نتاج التحام
أجروا عملية إعادة البرمجة ،والنتيجة كانت رائعة، العنصرين مع بعضهما ،وهو ما يشكل شعرية
السرد بشكل عام ،لأن بين قمة الالتزام بالواقع
اختفت كل الخلافات تقريبًّا ،حتى أنا نفسي ،لقد وقمة الفنتازيا تتشكل عديد المفارقات والتحولات
من الشيء إلى نقيضه ،أو من الحال الشعورية
إلى نقيضها ،وبهذا تكون الشعرية أو يتم
إنتاجها ،والحقيقة أن للغة السرد دو ًرا مه ًّما في
هذه المعادلة الفنية من المزج بين المكونين اللذين
يبدوان طرفي نقيض ،لأنها لغة سلسة ومتدرجة
وتتسم بالطابع الدرامي والتفاوت بين الوصف
والحوار واللغة التداولية ،ولا تعتمد على تبئير
انفعالي دائ ًما ،بل تعتمد على الرسم والتصوير
المشهدي والدرامي الذي يصنع مسافة نفسية
بين شعور السارد وبين الحدث ،وهي مسألة
مهمة لتحقيق التوازن الذي يمنع من الانزلاق
إلى حالات من البكائية والتراجيديا ،التي كان
يمكن أن تشوه اللوحات السردية وتجعلها مغرقة
في المرارة ،وتضيع كثي ًرا من طاقاتها وقدراتها
الجمالية ،بل إن هذا التوازن هو ما يمنحها
طاب ًعا أقرب إلى اللوحة الفنية أو البورتريه الذي
ندرك أنه فن ،وأننا يجب أن نتعاطى معه على
نحو جمالي دون أن نغرق في الإيهام أو الانفعال
السلبي .وأحيا ًنا ما كان يلجأ السرد إلى درجة
مقبولة ومنطقية من الهزل والسخرية التي تسهم